دار أم السلطان والله اعلم عند العصر وبعد الظهر بسويعة وماؤه طيب من أحسن المياه فلا يكاد يوجد مثله في الدرب إذ هو محل طيب والأعراب كثيرة المكر فيه والخديعة قل أن يسلم الركب منهم ثم ظعنا منه في آخر الليل على خير وعافية إلى أن نزلنا بندر المويلح وأظنه قرب العصر وبتنا فيه ليلتين ووجدنا فيه ملاقية من مصر أتى بها بعض ملوك مصر ومعه عسكر عظيم فيه طعام كثير وبشماط كذلك ودقيق كذلك وقول أكثر الجميع وقد رخص يوم دخولنا البندر كثيرا وبعد ذلك قد ارتفع غلاؤه فكأنه لم تكن ملاقية من مصر فاشترينا منه ما نحتاج إليه من دقيق وفول وبشماط ثم إن أكثر الشيالين هربوا على الحجاج فمنهم من فر بإبله ومنهم من تركها لغلاء العلف وقلة دراهم الكراء فهرب سيال سيدي أحمد الطيب بإبله فكان ما كان من قدر الله تعالى من احتياجنا إلى الكراء فأن أريد الكراء لحمل النساء وهو يريد الكراء له ولأصحابه فأتانا بعض الأعراب من البركة قد قدم مع تلك الملاقية فاكترينا منهم جميعا غير أننا خفنا منهم الخديعة والهروب كما كان ممن قبلهم فقال رئيسهم عهد الله لا أخذنا منكم درهما إلا بعد البلوغ إلى مصر فرأينا الفضل من الله تعالى والمنة فاكترتي منهم جملين بأربعة عشر محبوبا فأحدهما ركب عليه امرأتنا في المهيأ والآخر ركب عليه ولدي مع زوجته في المهيأ أيضا وأحسنوا إلينا أحسن الله إليهم وجعل البركة لديهم فلم يقع منهم نفور ولا مشاجرة إلى أن وصلنا مصر فوفوا بالعهد أكرمهم بمنه وكرمه.
ثم ان سيدي محمد المسعود هرب شياله أيضا بإبله فبقي كذلك مطروحا في الأرض فظعنا آخر الليل على العادة المألوفة وتركنا المصري وراءنا فلما أخذ الناس في السفر سمعنا مناديا ينادي بان شيخ الركب لم يجد ما يحمل عليه فلم يلتفت إليه الركب بل ذهب جميعه وتخلف سيدي أحمد بن حمود وسيدي أحمد الطيب والعبد الزابر لهذه الرحلة مع أصحاب الجميع فرجعنا إلى منزل الركب فحططنا الرحال عند خيمة الشيخ فصلينا الصبح وانتظرنا من يكري له بعد سويعات كذلك إلى طلوع الشمس