البيت وعلاني من الهيبة ما الله به عالم فركعت به ركعتين لناحية الباب مواجهه غافلا عن السنة بأن اجعله خلف ظهري لما علاني من الخجل ، والدهش والوجل ، ودعوت بما أمكنني وحضر لي من الدعوات ، معمما ومخصصا أهل المحبة والقرابات ، ولم تطل مدة فتحه وإنما يفتحونه هذا اليوم لتعليق الكسوة الجديدة وإزالة العتيقة وليس بيوم دخول عام وإنما يدخل القيم وأمير الحاج المصري وأتباعهما المعينين في ذلك ولا ينصب سلم للدخول وإنما يدخل من تكلف الصعود بمعين أو بخفة أعضاء وعلى الباب أحد خدام الأمير يمنع الناس من الدخول إلا أن الناس يكاثرونه فإن منعوا من جانب دخلوا من جانب وربما يتعامى عن البعض ويحصل لكثير من الناس في ذلك المكان سوء أدب من ضرب وشتم بألفاظ ينزه المكان عنها فألاولى عدم الدخول إلا لمن تيسر له ذلك عفوا وصفحا من غير إيلام ولما دخلت إليه المرة الثانية في حجتنا هذه إلى أن قال ركعت فيه إلى الجهات وجعلت الباب أولا خلف ظهري وكبرت في نواحيه وأجلت النظر في نواحيه وطوله وعرضه وسمائه وأرضه طلبا للتحقيق وإن كان الأولى خلاف ذلك إلا أن الأمر سهل إن كان لطلب العلم والوقوف على حقيقة الشيء ولم تزايلنا في ذلك السكينة والوقار ، والإعظام والإكبار ، والإجلال ، والابتهال ، والله يغفر لنا ويتقبل.
وأما لطلب التفرج والتنزه فلا بل يستشعر الداخل عظمته وحرمته وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة كيف يرفع بصره قبل السقف ليدع ذلك إجلالا لله تعالى وإعظاما ما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فما خالف نظره موضع سجوده حتى خرج منها صلى الله عليه وسلم والبيت الآن على ثلاثة أعمدة من العود ونقضوا منها من جهة الحجر مقدار السلم ولما فرغنا من الطواف ركعنا خلف المقام وأكثرنا من شرب ماء زمزم ولم نسع لأنا سعينا أثر طواف القدوم كما هو السنة.