ولما أصبحنا بالمزدلفة ، وصارت القلوب على حصول الرحمة والمغفرة مؤتلفة ، غير مختلفة ، وأسفر الفجر عن وجه الغرض ، وأدينا من صلاة الصبح الحق المفترض ، غلسنا الرحلة ، ونادى منادي النقلة.
أفيضوا وأنتم حامدون إلهكم |
|
إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه |
وسيروا إليه واذكروا الله عنده |
|
ذكرنا كما رب العباد هداناه |
ووقفنا به إلى الأسفار ، وما تركنا من الدعاء وحميد الأذكار ، فسرنا حتى جئنا بطن وادي محسر وهو وادي النار فأسرعنا وحركنا دوابنا وهو أول ما تحاذي البركة الخربة التي على يسارك أن مررت بطريق الأركاب وأنت ذاهب إلى منى حتى تأخذ في الطلوع إلى منى وترتفع بك الأرض وبهذا عرفه أعلم أهل عصره بالمناسك خليل المكي المالكي حسبما نقله عنه البلوي في رحلته إذ سأله عن حده والإسراع فيه مشروع ذهابا وإيابا فمضينا كما نحن على الطريق الكبرى التي تشقّ منى إلى أن أنينا جمرة العقبة حين الطلوع بعيده ورميناها بسبع حصيات من أسفلها مكبرين مع كل حصاة كما كنا راكبين غير راجلين كما هو السنة عن سيد الأولين والآخرين ، عليه أفضل صلاة المصلين ، وأزكة سلام المسلمين ، فعدنا لرحالنا ومناخنا ، ونحرنا هدايانا ، ودعونا لحلاقنا ، أخينا ووديدنا الحاج عبد القادر فحلفنا فسرنا إلى مكة فاتيناها على هيئتنا ، من ثياب إحرامنا ، فطفنا للإفاضة ووجدنا البيت مفتوحا والناس على ظهره يكسونه ولما قضينا فريضة الطواف ، عرض لي وفي المطاف ، الأخ الحاج أبو عزة المراكشي وحث علي في الدخول للبيت فامتنعت تأدبا وتعللت له بالزحمة وقال لا زحمة بداخله وهو فارغ منبسط وما ترى من الزحمة لا يتعدى بابه ولا يتجاوزه الآن وإذا بأمير الحاج المصري إبراهيم أبو شنب واقف بالباب وخاطبه قائلا أن فلانا ذا واقف بالباب يبتغي الدخول للبيت وأشار إلي وفرح بي ورحب ، وهش واطرب ، وتقدمت وأخذ بيدي وأطلعني من غير كلفة ولا زحمة فدخلت