الناس ما في الصف الأول لاستبقوا إليه فلا بد من تقييد ذلك بما لا يخل بأدب البقعة المطهرة وساكنها لقوله عليه الصلاة والسلام وأتوها يعني الصلاة وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا.
قال والمراد بالمسابقة في الحديث المتقدم الاهتمام بشأنه والحرص على الصلاة فيه من غير عدو بالأقدام ومزاحمة بالمناكب.
وساداتنا الأغوات رضي الله عنهم وجازاهم خيرا لا يغفلون طرفة عين عن حراسة الحرم الشريف وتأديب من أساء فيه الأدب بلغط أو رفع صوت أو نوم ولو في قائلة إلا في مؤخر المسجد ومن وجدوه مضطجعا من دون نوم للاستراحة فإن مد رجليه إلى ناحية الحجرة زجروه وان استقبل القبلة بوجهه أو الحجرة من غير أن يكون مستدبرا لها تركوه ولا يغفلون عن حضور المسجد في ساعة من ليل أو نهار فإن خرجت طائفة جلست طائفة ولهم ديار وخدم وأتباع وضياع وخيل وسعة دنيا ولا يشغلهم ذلك عما هم بصدده من خدمة المسجد بل لبعضهم أزواج وسراري اتخذوها للتلذذ بما سوى الجماع وأحكامهم فيما بينهم منضبطة غاية الانضباط ولا يحكم فيهم سلطان ولا غيره ولا يولي عليهم ولا يعزل منهم إلا بأمر شيخهم ولا يرث معهم بيت المال شيئا إن مات أحدهم إنما يتوارثون بينهم ومن وجبت عليه عقوبة أو أدب منهم أدبوه من غير أن تكون لأحد عليهم ولاية كل ذلك تعظيما لجانب النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون لأحد ولاية على عبيده وخدم حجرته الشريفة ولا يدخل معهم من العبيد الذين يهدون من الآفاق إلا من رضوا إدخاله بمال يدفعه عنه سيده أو يدفعه هو إن كان له مال ومع ذلك يبقى في مرتبة الصغار المشتغلين بالخدمة الخارجة فإن رضوا حاله وحسنت أخلاقه تركوه حتى تأتي نوبته في الدخول في زمرة الأربعين وإن ظهرت منه خيانة أو سوء أخلاق أو سرقة أو شيء يشينه نفوه إلى حيث شاء من البلاد.