قاموا له كلهم وكذا الأكابر فيما بينهم فأكبرهم شيخ الحرم فهو يتجدد في الغالب أما في سنة أو سنتين أو أكثر ولا يأتي إلا من دار السلطان من عبيده ويليه النقيب ويليه المستسلم وهو الذي يتولى قبض الصدقات وما يهدى لهم أو للحجرة وبيده مفاتيح الحجرة وحواصل الزيت والشمع وبيده جميع ما يتصرف فيه الأغوات من مصالح المسجد ومن أوقافهم فإذا مات واحد من الأربعين دخل واحدج من البطالين في موضعه وهو من كان شيخ البطالين والترتيب في ذلك بالتقدم فمن تقدم مجيئه يقدم على من تأخر مجيئه وليس فيهم شافعي ولا حنبلي بل كلهم حنفية ومالكية على مذاهب ساداتهم الذين أوقفوهم وذلك لأن الشافعية والحنابلة لا يرون صحة وقف الحيوان ومن أوقف عبدا من الأغوات على الحجرة نسب إليه سواء كان من التجار أو من الأمراء أو العلماء فيقال أغا فلان وكلهم يبيتون في المسجد عدا شيخ الحرم والنقيب وأما الآخرون فلا يبيت واحد منهم بداره إلا لعذر بين من مرض أو نحوه ولكنهم جزاهم الله خيرا عن تعظيم المكان وتوقيره وتبجيله وكلهم أهل خير وبركة قد اختارهم الله لخدمة اشرف البقاع وشرفهم بالنسبة إلى اشرف الخلق صلى الله عليه وسلم ولله در الإمام البوصيري إذ يقول :
وإذا سخر الإله أناسا |
|
لسعيد فإنهم سعداء |
ومن عادة الأغوات كل ليلة إذا فرغ الناس من صلاة العشاء ورواتبها قاموا بأيديهم الفوانيس الكبار وهي الفنارات عندنا مشعلة ليخرجوا الناس من المسجد فيأتون إلى المواجهة والصف الأول فيقف بعضهم أول الصف ووسطه وآخره فيخرجون كل من فيه فإذا لم يبق أحد بذلك الصف تكلموا بكلمة ذكر رافعين أصواتهم بها فينتقلون إلى الصف الذي يليه ثم كذلك حتى لا يبقى في المسجد أحد سواهم فيغلقون أبواب المسجد ويطفؤن المصابيح كلها إلا التي في مواجهة الوجه الشريف والتي داخل الحجرة فيخرجون من المسجد إلى الصحن وإلى الأروقة التي