أحدهم مريضا في تلك البلاد إلا مرضا خفيفا وقلما رأيت أحدا ممن بلده كبلادنا ريف وخصب إلا وقد ألظ به المرض إلا القليل ممن طالت إقامته جدا في البلد وتطبع بطبع أهلها قال من يوم قدومنا للمدينة كل ما تكلمنا معه من أصحابنا المجاورين يقول لنا استعدوا الحمى المدينة فلا بد لكم منها فإنها تحفة النبي صلى الله عليه وسلم وكرامته لجيرانه لتمحيض ذنوبهم وكان بعض أصحابنا يتمغص من ذلك ويشق عليه سماعه منهم ويقول نحن نرجو أن تكون كرامة النبي صلى الله عليه وسلم لنا بغير ذلك فكان أولنا وقوعا في المرض وأطولنا إقامة فيه والله يغفر له ويكفر ز لله قال ولا بعد ولا نكر في تسمية الحمى استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها أذهبي إلى الأنصار فإن لهم عينا يدا أو كما قال عليه الصلاة والسلام وروى الإمام أحمد وغيره برجال الصحيح عن جابر رضي الله عنه استأذنت الحمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذه فقالت أم ملدم فأمر بها إلى أهل قبا فلقوا ما لا يعلمه إلا الله فأتوه فكشوا ذلك إليه فقال ما شئتم أن شئتم دعوت الله أن يكشفها عنكم وإن شئتم تكون لكم طهورا قالوا أو تفعل قال نعم قالوا فدعها وفي رواية وإن شئتم تركتموها وأسقطت بقية ذنوبكم انتهى.
ولا تحفة ولا كرامة لزائريه صلى الله عليه وسلم أعظم مما يطهرهم من الآثام وهل فارقوا الأهل والأولاد ، وقطعوا الأغوار والأنجاد ، وامتطوا ظهور النجائب ، وفلوا بأرجلها ناصية السباسب ، إليه صلى الله عليه وسلم ألا لتحط عنهم أوزارهم ، وتغسل أدرانهم ، فجزاه الله عن أمته ، أفضل ما جرى به نبيئا عن قومه.
وقد حقق العارف الإمام ابن أبي جمرة رضي الله عنه أن المغفرة أعلى ما يناله العبد منه الله قائلا أن الرحمة وأن نال منها الإنسان ما عسى أن يناله فيمكن أن يبقى معها