البرغازون فإذا جاء البرغازون أخذوه منهم بأقل من ذلك ويركنون إليهم ويميلون إلى قولهم ويعرفون كيفية المساومة معهم فلا يتعاصون عليهم لقرب الشكل من الشكل وغيرهم ليس بتلك المثابة فلا يكاد أحد يشتري منهم لحفائهم وغلظ طبائعهم فاستسهل الناس الشراء من البرغازين بربح قليل زيادة على ما اشتروا به من الأعراب واغتفروا التلقي لذلك اللهم إلا أن يكون الموضع الذي يحطون فيه ما يأتون به من اللبن وغيره معلوما عندهم لذلك ولا يقصدون سواه ولا يتعدون لغيره لبيع ما يأتون به من سوق أو حانوت أو دكان فيكون ذلك كالسوق لسلعهم فلا نهي إذا إذ لا تلقي حينئذ لكون السلع بولغ بها سوقها ومحل بيعها وابتياعها.
ومن عادتهم في كراء الرواحل من القوافل الذاهبة إلى مكة والينبع أن بالمدينة رجالا يعرفهم غالب الجمالين فمن احتاج الكراء من أرباب الدواب أو أرباب السلع أتى إليهم فيعقدون لهم الكراء مع صاحبه ويتكلفون بما عسى أن يصدر من الجمال من غرر في الطريق بهروب أو مكر ويسمى أحد هؤلاء المخرج فلا يعقد أحد كراء إلا بحضرة أحدهم وجلوسهم في الغالب بباب المصري ويأخذون بذلك حلاوة من الجمال ومن المكري وذلك دأبهم بمكة أيضا : وفواكه المدينة المشرفة في غاية الجودة خصوصا عنبها ورطبها وأما الخضر فأكثرها وجودا الجزر والباقلاء والملوخية والبامية والبصل واللفت والخضر البرية ليس فيها إلا الخبيز ولا يأكل أحد في تلك البلاد المسن القديم والشحم الغوي إلا أضرابه ما لم يكن حديث عهد بالبلد فإذا طالت إقامته في البلد تطبع بطبعهم.
قال أبو سالم وطبع ذلك البلد الشريف وهواؤه فلما يوافق أحدا من أهل مغربنا الأقصى ممن بلده ريف ذات مياه وخصب وإنما يوافق أمزجة أهل الصحراء كنوات وتفورارن وأهل السودان وذلك والله أعلم لفرط حرارة بلاد هؤلاء فقلما رأيت