بقية ذنب فيؤاخذ بها بخلاف المغفرة ولذلك أمتن الله بها على نبيه صلى الله عليه وسلم.
قلت فينبغي إذا للعارف (١) أن يكون أهم ما لديه تعطي أسباب المغفرة من الله كصلاة التسبيح كل يوم مرة أو أسبوع أو شهر أو سنة أو مرة في العمر فقد ورد فيها ما يحمل الراغب في ربه ، المشفق من ذنبه ، على ان لا يدعها ، لا يقدم عليها سواها ، وأفضل أوقاتها ما بين الزوال وصلاة الظهر أن تأتي ذلك وإلا فسائر النوافل تصلى فيه أوقاتها من ليل أو نهار وتصلى تارة على ما رواه ابن المبارك رضي الله عنه وتارة على غيره من تقديم القراءة على الأذكار والجلوس للاستراحة قائلا الأذكار فيها قبل أن ينهض قائما وقبل التشهد فشديد الضنين عليها ولا يشغلنك عنها شاغل واستبشر بنعمة من الله وفضل أن وفقك الله وأهلك لتعاطيها ونشطك لها إذ لو أراد بك الأخرى عياذا بالله لثبطك عنها فتكاسلت وتوانيت ولا يزهدك عنها زاهد فإن العارفين بالله بالغوا في الحث والحض عليها والله يوفقنا وأياك.
ولنذكر هنا الأحاديث الدالة على الخصال المكفرة لما تقدم وتأخر من الذنوب جمع الإمام الحافظ ابن حجر في جزئه المسمى بالخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة تيمنا وتبركا فأقول عن ابن حجر بسنده إلى حمران ابن أبان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال دعا عثمان بماء فأكثر ترداد الماء على وجهه ويديه فقلت حسبك قد أسبغت الوضوء والليلة شديدة البرد فقال صب فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يسبغ أحد الوضوء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده وأخرج أبو عوانة في مستخرجه على مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع المؤذن فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد
__________________
(١) في الرحلة الناصرية للعاقل.