الحنفية وأتاني ضحى مع ولدين صغيرين له وسألته عن البناء القائم الآن بمسجد الخيف ونمرة وأخبر انه بناء قايت باي ولما زالت الشمس أفضنا علينا الماء للإحرام واغتسلنا غسلا خفيفا وتلك سنة هذا الغسل وجمعنا بين الظهرين مع أصحابنا ومن انحاز إلينا من أهل الافاق باذانين وبأقامتين وتقدمنا إلى المنوقف ووقفنا تحت الجبل الذي عليه القبة المنسوبة لآدم عليه السلام والخطيب لم نر له شخصا ولا سمعنا له صوتا وإن لم يكن بالبعد منا لكثرة الازدحام واختلاط الأصوات ، مع اختلاف اللغات ، وتباين الرغبات بأصوات التلبية لاشتراك الكل فيها ولا سبيل لأحد إلى تغييرها ووقفنا على إبلنا وأرحنا بغالنا اغتناما لبركة سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم نزل في موضعنا ذلك واقفين مستغفرين مكبرين مهللين داعين إلى أن غربت الشمس تحققنا أنا أخذنا جزءا من الليل فإذا الإمام نفر ونفر الناس ونفرنا معهم في زحمة محفوفة بالألطاف ، مصحوبة من الله بالمواهب والإتحاف ، ولم نر أحدا نفر قبل ذلك في سنتنا هذه وإن كانت الجمالون والأعراب تنفر قبل ذلك في غير هذه السنة والحمد لله على ذلك فانصرفنا بين المأزمين بلا كلفة ولا تعب ولما وصلت إلى الشعب ملت إليه ففعلت كما به فعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم سرنى آمّين المصلى بالمزدلفة فبلغناها بعد مغيب الشفق فجمعنا بين العشاءين ونزلنا فبتنا فيها فتفرق للقط الجمار هناك من أراده من الناس قلو شاهدت يا هذا تلك الحال وما عليه الناس في جبل عرفات ، ووقوفهم بتلك العرصات ، لهالك ذلك المشهد الذي هال أمره ، وعجز عن وصفه زيد البيان وعمره ، إذ ترى الملوك في مقام الافتقار والذلة ، والفقراء في محل الاضطرار والقلة ، والجميع يرغبون في المغفرة من الرحمان ، ويطلبون الرحمة والعفو من العفو الرحيم الحنان المنان :
جاؤا بأحمال أوزار تؤدهم |
|
منها جبال وحسن الظن وطاها |
فسأل لما رأى الرحمان ذلتهم |
|
طوفان عفو وغفران فغطاها |