رجل عالم له تآليف على رجال البخاري واختصر البخاري في مجلد خدف الأسانيد والمكرر وهو ضرير كبير السن به مرض ملازم بيته ويوم النحر قدمناه من منى للإفاضة ولما رجعنا إلى منى التقينا محفة وبها رجل كبير مستلقى ولما لحق بنا الأخ الشقيق الصالح سيدي محمد الأخصاصي أخبرني أنه هو وأخبرني ولده الشيخ محمد انه شرح نخبة ابن حجر عشرين كراسة وله تأليف في الرد على الروافض وهو رجل صالح محقق فيما ذكروا وسألناه عن المسافة بيننا وبين الهند فقال أربعون يوما في البحر وأربعة أشهر أو ستة في البر وأن بلده هو السند وبينه وبين الهند ثلاثون يوما انتهى.
ولما صلينا العصر وجلسنا في مناخنا هنيئة إذ أخبرني بعض أصحابنا أن أهل تونس زعموا أنهم رأوا الهلال ليلة الثلاثين والراؤن له سبعة أحدهم من طلبة العلم وسألنا عنهم لنستخبر رؤيتهم فنكون على يقين من أمرهم فوجدناهم ذهبوا مع الذاهبين لعرفة لأن الأركاب كلها ذهبت كما هي للجبل ولم ينزل أحد بمنى سوانا وجماعتنا وهذه السنة عياذا بالله أميتت منذ أزمان.
وقد ذكر ذلك الكثير من المرتحلين كالعبدري وابن رشيد ومن بعدهما وذكروا أن الخوف يمنع من المبيت هناك بعد ذهاب الاركاب وقد من الله علينا بإحياء هذه السنة ولم تفتنا في حدة من الحجات ولله المنة والحمد ولما طرق أسماعنا ما ذكر من الخبر عن التونسيين اجتمع رأينا على الذهاب وقتئذ لعرفات فنستيقن الخبر فرحلنا وقتئذ وبلغنا نمرة وقد غاب الشفق وبتنا بإزائها فإذا بخبر الرائين خبر سجاح ، ثم اضمحل مدارج الرياح ، ولا هدي علينا في ذلك على ما شهر في المذهب ونقل التادلي والجزولي عن ابن العربي انه يلزمه الهدي ولم يحك غيره في سقوط الدم خلافا ومن تورع فليهد ولا حرج عليه فيه ونزل بإزائنا الشيخ عبد القادر بن أبي بكر مفتي