وبدر هذه قرية عظيمة حلوة طيبة روضة من رياض البلدان من رآها يتمتع بنظرها ويشاهد فيها أنوار الجلال ، ولوائح الجمال ، كأنه صلى الله عليه وسلم مستقر فيها لم يغب فصورته صلى الله عليه وسلم وصور أصحابه هناك تشاهد لدى المحبين فتنبسط النفس هنالك أتم انبساط فهي تمرح في تلك الرياض ، وتتردد في تلك الحياض ، فما زالت قائمة على أصول التجليات ، والمشاهدات ، لأثار النبوءة فتجد العارف بالله منشرح الصدر ، مستنير السريرة ، منور البصيرة ، عالي الهمة ، قوي المحبة ، تعلوه أنوار ، وتنفتح له أسرار ، وتنكشف له أمور فينسى كل قريب له ، ومحب لديه ، بما شاهد فكأنه عروس فبدر من أعياد العارفين ، ومواسم المقربين ، في ضيافة حبيبه صلى الله عليه وسلم ونزول في مقعد صدق عند مليك مقتدر يطمئن قلبه بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكيف لا وهو محل النصر من الله وأن ملائكته قد قابلت أعداء الله هنالك فلا تعلم نفس ما حصل لمحبيه صلى الله عليه وسلم.
وأن هذه القرية قد توطنها الأشراف ونزلوا بها من قديم الزمان وفيها أهل السنة وكذا الزيدية (١) أعني الخوارج الظاهرية وهم في الاعتقاد قدرية وفيها نخل كثير وبساتين وماؤها طيب حلو عذب وفيه أيضا بركة تكفي الأمصار العظيمة فضلا عن الأركاب وهي مستمدة من عين هناك وفي بدر توقد النيران الكثيرة والنزهة القوية وهي أزيد من كل بندر بشيء كثير ثم انفصلنا عن هذا المحل على خير وعافية ومنة وفضل عظيم بعد انفصال المصري عند الظهر ومررنا بواد ثم كذلك إلى وقت العصر فصلينا العصر بعد خروج ذلك الوادي فسرنا في أرض متسعة واسعة سهلة طيبة غير أن الهواء تقوى علينا ثم كذلك إلى بعد العشاء فنزلنا والبعض خيم
__________________
(١) في ثلاث نسخ الزيود.