وقد قيل أن صوت الطبل الذي وقع به النصر للنبي صلى الله عليه وسلم يضرب هنا ويسمعه من خصه الله بتلك المزية العظمى وقد سمعته في الحجة الأولى وفي الثانية وهذه على شك إلا أن بعضهم يقول هو حوافر الدواب تضرب بأرجلها فتسمع كالطبل وقال بعضهم الريح تهب وتلتقى مع بعض الأجرام الخاوية فيردها حائط الجرم فيسمع صوتها كالطبل وهذا من التأويل المرجوح استبعادا لأن يبقى صوت الطبل إلا الآن إعجازا لقدة الإله بل ذلك سائغ وواقع غير مستبعد وهو من معجزاته صلى الله عليه وسلم الباقية إلى الآن غير أن بعض الأكابر الثقات اعترفوا بها وصدقوا بذلك يقينا وبعضهم يقول إنما هو تخيل بعضهم ينكر أصله ويقول بنفيه بل الحق الذي اجتمع عليه أهل الخير قاطبة وأنه واقع قد سمعه خاصة كل ركب بل كاد أن يكون أجماعيا.
نعم قد سمعت ممن يوثق به أنه سمعه الناس في غير أبان الحج فلم يبق إلا تسليمه أو التصديق به.
نعم الذي يحتاط بنفي ذلك عن نفسه لا أنه يقول لا أصل له أو يؤول أن طبل الناس من المصري يتأخر في الطريق فيسمع صوته فيظن الناس أنه طبل القدرة ولو كان الأمر كذلك ما وجد صوته إلا يوم دخول الركب البندر وقد سمعناه يوم الإقامة بعده.
نعم الصوت شاهدناه في ذلك المحل قطعا كما شاهدنا الأنوار تبرق جهة المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وإن قال بعضهم أنها أبراق تلمع لأن الحجاز تكثر فيها الرعود والإبراق غير أنه وان احتمل ذلك فالحق أن البرق والنور متباينان فلا يلتبس أحدهما بالآخر أصلا وفوق كل ذي علم عليم.