البيوت والبعض إلى أن طلع الفجر وتنفس الصبح ارتحلنا في فرح وسرور ونشاط كبير فرحا بقرب الوصول والوصال ، إلى الأماكن الشريفة وحضرة الاتصال.
نعم تقوى علينا شذاء القرب من الرب الكريم فتشنفت الأحوال والنعوت ، فربحت تجارة الحاج بمجاورة اللهوت ، ثم كذلك إلى أن وصلنا قاع البزوة وهي محل نزول الركب عند الزوال فوجدنا المصري إذا راحلا وقد أدركنا آخره فلم ينزل ركبنا هناك بل جاوزنا سائرين آخر المصري ذاهبين معه إلى وقت المغرب فنزلا وبتنا والحمد لله في عافية وسرور بقربنا مكان الإحرام والمصري سائر على حاله إلى قرب طلوع الفجر فارتحلنا منه آخر الليل ثم كذلك مجدين السير إلى منزل يقال له مستورة وهي بلدة طيبة ووصفها كما ذكره شيخنا سيدي أحمد بن ناصر.
ثم ارتحلنا منها أيضا فجد بنا السير ليلا وسرنا في الليل إلى وقت الضحى فقربنا منزل رابغ نعم دخلنا وادي رابغ من جهة المغرب عند قوة حر النهار قرب الزوال [فدخلنا رابغ ووجدنا المصري قد خيم فيه ونزلنا فوقه قبل الزوال](١) وبعض الركب يستظل بالنخل والبعض بالبيوت إلى أن حان وقت الظهر فصلينا الظهر ثم أقمنا نستعد لأحوال الإحرام ، وكثير من الركب لا يعرف أحكام الإحرام ، فصار جميعنا معشر الطلبة نعلمهم فرائض الإحرام ، وسننه وشرائطه وموانعه والناس كلهم ذكور وإناث في غسل واغتسال ، وغسل ثيات وموانع الإحرام في انتقال ، حتى قرب وقت العصر فآن إحرام الكل فشمرنا عن ساعد الجد ، ليتأهب جميعنا لما فيه الكمال بالكد ، ورمينا ما كنا بصدده من مجاورة الضد ، ونبذنا ما كنا عليه من مجاوزة الحد ، بل طوينا مسافة الإعراض ، ومتابعة الدنيا وما فيها من الأغراض ، وسعينا لما فيه رضاه ، وفعلنا ما أمرنا به وارتضاه ، وأزلنا ثياب الحياة ، ولبسنا ثياب الممات ،
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في نسخة.