المدينة ومكة وغيرهما والحاج إذا وصل هناك كأنه وصل إلى مكة.
وهذا المحل تزهي فيه النفوس وهو روضة من رياض الله تعالى تصلح للمنقطعين وللغرباء والمساكين وهي باب من أبواب الله تعالى يتيسر فيها الذهاب إلى المشرق والمغرب لأنها مرسى وفيها أسواق كثيرة فلا تكاد تنعدم فيها الخيرات ، وتقضي فيها جميع الحاجات ، وفيها غالب الحبوب والثمرات ، وكذا الخزبز أعني الدلاع وجميع الأقوات ، والمشتهات فأقمنا فيها ما شاء الله ثم ارتحلنا منه مع المصري قرب الزوال إلى قرب الاصفرار فنزل الركب المغربي ومعه أهلنا وأنا قد وقع لي غيظ من أجل ظلم الحجاج بعضهم بعضا فأقسمت بالله أني لا أبيت معهم فسرت مع الركب المصري راكبا على بغلتي مع بعض أصحابنا وهو الحاج يوسف إلى أن شرفنا على بدر بعد صلاة الصبح وعند طلوع الشمس هبطنا بين الكديتين من الرمل ثم مر بنا على الحجارة المجتمعة التي يظنونها اليوم أنها قبور الشهداء وليست هي وإنما قبور الشهداء ناحية القرية فوق منزل الركب وقد زرناها والحمد لله فلما نزل الركب المصري ذهبت أنا وصاحبي الحاج يوسف الشيباني إلى قرب القرية لنستظل بظل جدار المدشر فجلسنا هناك ننتظر الركب المغربي إلى أن وصل ونزل أعلى الركب المصري قرب الجبل وبينما أنا كذلك وإذا بأخينا في الله سيدي محمد المحفوظي قد رآني عند السقائف التي تشرب فيها القهوة فأخذ بيدي وذهب بي إلى شيالة المصري ودخلت خيمته ففرح بي فرحا شديدا فقام فجعل لنا الغداء وتكرم علينا غاية وأخذت في القيلولة عندهم وكل ذلك أنا والحاج يوسف المذكور إلى أن صلينا الظهر وزال حر النهر فذهبنا إلى أصحابنا وأهلنا فنزلنا ذلك اليوم وأقمنا الذي بعده وزرنا فيه قبور الشهداء ضحى فاجتهدنا في الدعاء عندها إلى أن حصل لنا وجد عظيم تكاد النفس تزهق من شدة ما تجلى لها من الأنوار التي هي حاصلة منه صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه الذين قاتلوا هناك رضي الله عنهم وأرضاهم.