وسمي بذلك بئر درك أعراب مصر وأعراب الحجاز فان ما بعده من أعمال الحجاز إذ تتغير بعد ذلك البلدان ويتضح أمر الحجاز وتباين الجبال ما بعدها لما قبلها ويشتد شبهها لجبال مكة لسوادها.
وفي هذا المحل غياض من شجر الطلح وهي من أنواع الكلأ الذي ترعاه الإبل كثيرا إلا أنه لا تترك للرعي لأن المحل مخوف تغير فيه الأعراب إلخ ما ذكرناه آنفا.
ثم ظعنا منه إلى أن نزلنا الحوراء عند العصر وتفرق الناس في مياهها وهي حفائر على ساحل البحر يحيط بها ديس كثير وفيها ملوحة قوية وقريب العهد بالحفر أجود من غيره وهو مكثر للإسهال لا سيما مع الإكثار منه وهو مفرط في علة البطن كماء الاكر والأزلم وعجرود ومن أمثال الحجاج لا رجال إلا رجال الحوراء ولا جمال إلا جمال الدورة أي الرجعة من مكة وفيه الآن آبار قد حدثت أحدثها بعض الناس وهي بعيدة عن ساحل البحر وماؤها أطيب من القديمة وأجود وعليها ينزل المصري في عصرنا هذا وكذا سائر الأركاب وقد علمنا عذوبة مائها أن لم يطل جدا وإلا خبث كالقديم.
ثم ظعنا منه آخر الليل فصلينا الصبح مع جماعة الفضلاء في الوادي المضيق ثم سرنا في تلك المضائق إلى الوادي المسمى الآن بوادي العقيق بل تسميته بوادي العقوق أولى لتلصص أعرابه وجرأتهم على الناس بالسرقة ثم سرنا كذلك إلى أن وصلنا إلى النبط بين الظهر والعصر فيه آبار أربع محكمة البناء بالحجر والصخر وماؤها عذب حلو طيب غزير لا ينقطع مدده.
وفي هذا المنزل تنشرح النفس وتمرح فيه لطيب مائه وحلاوة مكانه وطلاوة منظره وقربه من الأماكن الشريفة والمآثر كالينبع ونحوه ثم أرتحلنا منه أيضا ليلا أي