آبار كبار محكمة البناء وماؤها غزير إلا أنه مر يصلح للإبل فقط ولضرورية الناس من غسل ونحوه ولا يسيغه إلا المضطرون وبتنا في ذلك المحل في أكمل حال ثم ظعنا منه وسرنا بين جبلين في مضائق وعقبات صغار إلى أن وصلنا إسطبل عنتر قرب العصر وفيه ثلاث آبار وماؤها حلو إلا أنها قليلة الماء يستقيه الناس للشرب غير أنه لا يكفيهم فلا تكاد الإبل تطمع فيه ثم ظعنا منه ومررنا بوادي الأراك وهو واد واسع كثير الأراك الأخضر الناعم وبعده مضائق بين جبال صعودا إلى أن وصلنا بندر الوجه عند العصر والله أعلم وفيه حصن حصين في حرف واد كبير بين جبلين كبيرين والناس نازلون أطرافه إذا كان ليس الوقت وقت سيول وإلا ارتفعوا عنه وفيه آبار والتي فوق البندر أحسن من التي تحته وفيه داخل البندر بئر ماؤها عذب طيب [وفي أعلى الوادي ماء بين جبلين يسمى الزعفران إلا أنه قليل الماء كما تقدم عن شيخنا وماؤه طيب](١) غاية ثم ارتحلنا من الوجه صبيحة ونزلنا الأكره بين المغرب والعشاء على حرف الآبار فسقى الناس إبلهم ودوابهم ثم إن ماءه لا يكاد أحد يسيغه لحرافته مرارته إلا بعض الآبار فأني قد وجدت فيه ماء يكاد أن يكون عذبا من جهة المشرق وهو بئر قريب من الغيضة في وسط الوادي.
وقد حكى لنا بعض الناس من الركب انه وجد بئرا ماؤها عذب طيب وذلك يستغرب في هذا الموضع وهذا المنزل أشد منازل الدرب وأصعبها مرارته مائه وكثرة حره وسخونة ربحه فيشتد ذلك على الحجاج حتى يهلك كثير منه بالعطش وأن ماءه خبيث أخبث شيء في هذه المراحل فترك مائه متعين لأنه مضر فلله الحمد على سلامتنا منه.
ثم ارتحلنا إلى أن وصلنا إلى الدركين قرب العصر وهو منزل الحاج المصري
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في نسخة.