وهذه المرحلة قصيرة ومع قصرها أنها شديدة الحر والخوف من الأعراب موجود فان شوكتهم هناك قوية إذ طريقة ضيقة وقد تنزل الأعراب في زمان الثمرة فيه فلما مر أكثر الليل وإذا بالركب ارتحل ليلا فسرنا بعض الليل إلى طلوع الفجر [فسق من كان على الخيل والبغال لنستعد لصلاة الصبح حسبما هو العادة منا فلما طلع الفجر](١) وتنفس الصبح صليناه ثم ركبنا إلى وقت الضحى ونزلنا إلى صلاة الضحى كذلك كل يوم ثم سرنا كذلك إلى أن وصلنا إلى الشرف وقد ذكر وصفه الشيخ أعني سيدي أحمد بن ناصر.
ويسمى هذا المحل الآن أم العظام نزلناه عند وقت العصر ثم بتنا فيه على خير وعافية ثم ظعنا آخر الليل والحمد لله ولم تكن مرحلة أطول منها فإن الإبل أكثرها يموت في هذه المرحلة لطولها وشدة تعبها فظعنا منها على خير وعافية فسرنا كذلك إلى أن وصلنا إلى مغار شعيب بعد الظهر وفيها نخل عظيم وغيضة كبيرة وماء جار فلا يجري ماء إلا هنا وفي عيون القصب في جميع مراحل الدرب وقد تقدم أخبار مدين فيما سبيق وفيها بعض الخصب للدواب وللإبل نعم الحجاج يتأنسون في هذا المنزل كأنهم حصلت لهم راحة وسرور فان خاصة من توجه إلى بيت الله الحرام يشاهد أنوار النبوءة والرسالة في أرض الحجاز فيتيسر عليه حمل بعض الأثقال فإذا تجلى ربه على قلبه سبحانك مما حصل لي في الخيال من بعض التوهمات في التجلي نعم نودي في سره يا موسى المحبة أني اصطفيتك على الناس برسالتي أي الإلهام إذ لم ينقطع بالنبي صلى الله عليه وسلم وإنما انقطع به رسالة الوحي وقال رسالة الإلهام أيضا في سره وأني اصطفيتك على الناس بكلامي أي نداء الحق يا أيها الحبيب ويا أيها العبد فخذ ما أتيتك من التوجه إلى الله وكن من الشاكرين حيث أسعدك التوفيق
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في نسخة.