عوضه في الآخرة وهذا وأننا ظعنا منه على خير وعافية ومنة وفضل من الله قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون.
ولما انفصلنا عن بندر العقبة ووقفنا على الحصن الذي فيه العسكر نعم الأعراب دائرة بالحصن على عادتهم من اجتماعهم مع كونهم بسلاحهم تأمين للسلاح ينتظرون فرصة أو غفلة من الحاج يأخذون ما بدا لهم خلسة ومكرا أو تتخلف بعض الرواحل فيأتون إليها ظاهرين قهرا ونحن والحمد لله سلمنا من ذلك كله إذ الركب معه هيبة عظيمة لا يستطيعون ذلك فتخلفنا على العادة من التخلف شفقة على ضعفاء الركب أنا وسيدي محمد الشريف الطرابلسي ومن معه من أصحابه وكذا سيدي أحمد الطيب قل أن ينفرد عنا وذلك من توافق الطبائع ونحن كذلك من المشي بالتدريج على شاطئ البحر في آخر الركب فما علمنا أحدا من العرب وراءنا علما منهم لا قوة لهم بنا خفية أو ظاهرا إلى أن وصلنا شاطئ البحر قرب الزوال قبل وصولنا إلى ظهر الحمار فتوضأنا وصلينا الظهر ثم ركبنا بغالنا فسرنا ساعة وإذا ببعض الإجمال لأصحاب سيدي محمد الشريف المذكور وقفت من شدة السير وكثرة الحمل فذهبنا ساعة معها ثم خلفناها وأشرفنا على ظهر الحمار وفيه نخل على شاطئ البحر ولا بأس به وفي وسطه آبار طيبة الماء عذبة من أحسن المياه فسقت الناس إبلهم وملأت سقاياتهم فلم ننزل بطرف النخل وإنما ينزل فيها الحاج بعد الرجوع ووجدنا ثمت آخر المصري بل جميع الركب لم يستقيموا على المشي وإنما ينتظرون استقامة الأقطار ورجوع كل إلى موضعه ثم صعدنا العقبة التي بعد الآبار وفيها طريقان كما سبق وهي صعبة الصعود غير أنها ليست طويلة جدا والحمد لله وإلا لهلك جلسه أو بعضه فلما صعدنا بعد الظهر في حر عظيم نزلنا في وسع كثير ورحث قوي فوق العقبة لما علمت أن المغربي يمشي في النهار بخلاف المصري فانه يمشي ليلا.