للتوجه للأماكن الشريفة دون من يساويك في البشريات فإن الأواني تتشرف بما فيها من سر الملك والملكوت ، ونسيم الجبروت ، وكذا بالمعاني قال الشاعر :
قلب بذكر الله أضحى روضة |
|
وواحد باللهو صار مزبله |
ما منبت الورد كنبت غيره |
|
ولا شذا المسك كريح البصله |
لو سقي الحنظل شهدا دائما |
|
ما أنبت الحنظل إلا حنظله |
وقال أيضا :
ومن حضر السماع بغير قلب |
|
ولم يتحرك فلا تلم المغني (١) |
قلت هذه المنزلة شذاؤها طيب وأنوارها بينة فالعارف تجده فيها منشرح الصدر طيب الوقت منبسط الظاهر والباطن لأن آثار المحبوب حاصلة فيه إلا من أصابه زكام محبة الدنيا فهو لا يشم شيئا من هذه العواطر الإلهية والروائح النبوية وذلك معلوم في الشاهد ثم ظعنا منها ليلا أيضا على ما أسلفناه إلى أن وصلنا عيون القصب وفيها ماء حار عذب قريب من البحر وهو كثير القصب وذكر وصفه شيخنا سيدي أحمد بن ناصر وكذا ذكر المسجد الذي يزار هناك فنزلنا به عن صلاة العصر ونزلنا على أكمل الخير وأتم العافية وارتحلنا أيضا ليلا ثم كذلك على ما علم منا (٢) من جد السير على شاطئ البحر إلى بلوغ بندر المويلح وقد نزلنا عند الظهر والله اعلم وهو بندر عظيم كثير الأرزاق ثم أن أسواقه تامة وفيها ما لا يحصى من أنواع النبات والأطعمة المختلفة والملابس المزخرفة والطبائخ المنوعة وعلف الدواب كثير وفيه مرسى قوية النفع وأن هذا البندر أعظم بنادر الدرب نفعنا وأسرعها لقضاء الحاجة
__________________
(١) كذا في ثلاث نسخ وفي واحدة لا يلم وعلى كل حال ففي الشطر خلل من جهة الوزن ولعل الرواية ولم يطرب بدل ولم يتحرك.
(٢) في نسخة لنا.