المصري وانفصل عن محله ظعنا في أثره بعد ملء سقايتنا فإن مياه العقبة بين بين إلا أن بعض الآبار فيه ماء عذب وهو بندر عظيم يكاد أن يكون في أسواقه مثل المدينة فيه يشبهها في الارتفاق به والاستعداد منه للزاد فترى الحاج كأنه جدد السفر لحصول الاستراحة فيه حسا فلا تعمل نفس ما فرق فيه من قرة أعين فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأبصار فلا ترى فيه عوجا ولا أمتا يوم نزولها يتبع الداعي ما كتب له من الملذوذ والبز المتنوع وكذا الفواكه فيه صنوان وغير صنوان تساق من غزة وأطرافها من نواحي الشام فيشتري منها القانع والمعتر كل على حسب قدره وقوة زاده وضعفه على أن أهل الأموال في نزهة وتنعم فتجد أحدهم يشرب ماء النيل إلى مكة المشرفة وبعضهم إلى الرجوع.
وقد ذهبت أنا والفاضل الأخ سيدي أحمد الطيب الزواوي إلى الكخية أعني خليفة الأمير لأمر يتعلق بأمر أصحابنا بل بالركب جميعه لأن شيخنا الولي الصالح ، والقطب الواضح ، سلطان العارفين ، وخاتمة المحققين ، شيخ المريدين ، الشيخ محمد الحفناوي بعث معنا مزبورة ليكون مع الحجاج فلما وصلنا إليه قام إلينا وعظمنا غاية التعظيم ومع ذلك هو في رفعة عظيمة ومرتبة منيفة ومعه عسكر عظيم لا يصل إليه الضعيف إلا بعد شدة كبيرة وانتظار قوي وأما نحن والحمد لله فبنفس سماعه بنا لقينا وأدخلنا محله الخاص به وذلك المحل الذي هو فيه يخطف الأبصار فلا يكاد الضعيف يطمئن به ويسكن في محله لاختلاف الألوان وكثرة الأواني المزخرفة فجلسنا عنده ساعة إلا والطعام حضر قرب الاصفرار فأتوا بالأطعمة المختلفة والطبائخ المتنوعة في الموائد المستحسنة لا يكاد أن يحصى ما عليها من الأواني فأجلسنا عليها وألح علينا في أكلها.
حاصله هذا الأمر في السفر فكيف هو في الحضر نعم فما عندنا إلا الصبر وطلب