أنواع البز والثياب والأمتعة والأطعمة وأنواع الخير من كعك وخبز وأنواع الطبائخ بتابل وغيره من أبزار منوعة الأجناس ومفترقة الأصناف فناقص العقل إن دخل السوق كاد أن لا يرجع بدرهم عنده غير أن الله مكن العقول وأثبتها فلم تكترث بما هنالك لما غلب من شوق الحبيب ومحبته عليه الصلاة والسلام فلم تعتبر شيئا إلا الوصول إليه ومشاهدة أثره صلى الله عليه وسلم فخف عليها كل ما تشاهده من مشاق السفر ووعثه وكذا تغيب عما تشاهده من الملذوذات فطابت النفس بما قصدته وأرادته من التنقل في منازل القرب ومراتب الإشهاد ومقامات السعود والحضور والاستبداد بما فيه الغنيمة العظمى والفوز بحضرة العزيز الغفار لما به من الموبقات التي بها ل الإنسان يتعامى.
حاصله أننا أقمنا بها في عزة ومنع وسرور وجذل وفرح وهناء إذ أعظم شيء مذلة الأعراب الذين صدوا الحاج في العام الذي قبلنا وقد أصابه خزي وذل حتى إن الإنسان يأخذ بعض ما لهم فلا يستطيع أن يتكلم لما رأوا من شوكة الركب المغربي وقوته فجزاهم الله جزاء وفاقا لأنهم أخذوا ركب الحجاج الجزائري والطرابلسي بل أخذوا منهم كيت وكيت من الدراهم وبذلك خلوا سبيلهم ولو لا عطاؤهم ذلك وإقامة أمير مصر ما جاوزوا العقبة ولا مروا عليها بل فضل الله وجاه النبي صلى الله عليه وسلم انعطف عليهم وإلا لهلك كلهم أو جلهم فكل ما كان رحمة بهم فلما علم الحجاج أي ركبنا ما جاز عليهم أرعدوا وأبرقوا وترجوا واتعظوا فقاموا على ساق واحدة ورمية متحدة فما ملكت أنفسهم إلا القتال غير أن أعراب العقبة سكنت شوكتهم وطوي بساطهم وأنسد سبيلهم علما منهم أنهم لا يستطيعون مقاومة هذا الركب لا سيما وأن فيه أفاضل وصلحاء وعلماء فالحمد لله.
نعم أودع الناس في القصر ودائعهم وبضائعهم لوقت الرجوع فلما ظعن الركب