الكادي (١) ، باستنشاق (٢) الحاضر والبادي ، فغمر عبيقه كل نادي ، ولما بلغنا عام تعسة هذا الوادي ، قلنا بعريش هنالك وجرى ذكر الكادي في النادي ، وسألنا عنه صاحب العريش وأخبر أن شجره كشجر النخل وبعث من أتانا بشيء من أوراقه وإذا فيها رائحة طيبة جدا وأوراقه عريضة ، وأنواره وميضة ، فسبحان من يخص من يشاء بما شاء.
تكملة قال الإمام البكري رحمه الله تعالى في عد المراحل من بدر إلى هنا ما نصه ثم سرنا من بدر إلى قاع البزوة وتسمى طرق النجحان ، ثم إلى عالج وجبل القرود ومكان يسمى ودّان ، ثم نزلنا بسبيل محسن المشهور ، وتنزهنا في خضرة أعشابه وسرحه المعطور ، قال الشاعر :
قد شكا لي بعض المحبين يوما |
|
ظمأ الماء قلت ذا غير ممكن |
كيف تشكو الظمأ وتجزع منه |
|
وبهذا السبيل أحسن محسن |
ومدة المسير منه ثمان عشرة من الساعات ، وعشرون درجة محررة بالميقات ، ثم سرنا منها إلى بستان القاضي ، ونسينا بقرب الديار تعب السير الماضي ، ثم نزلنا برابغ محل الميقات ، وتجردنا عن لبس المخيط بصدق النيات ، وأحرمنا بالعمرة والحج ، عملا بقوله الحج العج والثج (٣) ، وأهللنا بالتلبية لعلام الغيوب ، وسألنا الله تعالى غفران الذنوب ، ورأينا حفائ ماء تنبع ، ومزارع بطيخ يتنوع ، ومسجدا قديم الأثر ، ويسمى ذا الجحفة كما ورد في الخبر ، وهو محل إحرام المصطفى ، صلى الله عليه وسلم زاده الله شرفا ، قال الشاعر :
__________________
(١) كذا في الرحلة الناصرية وفي أربع نسخ اليكادي ولعله الفادي.
(٢) في الرحلة الناصرية باشراق استنشاق والأصوب فاستنشق.
(٣) في نهاية ابن الأثير أفضل الحج العد والثج وفي الرحلة العياشية الحج والعمرة والثج.