السماء سمتا ، ولله در القائل :
قد سلكنا القاع المديد الذي م |
|
أصحى مضافا دون (١) البقاع لبزوه |
فهو قاع لا نبت فيه تراه |
|
عين ساروكم لنا فيه سروه |
فأعاننا الله على قطع مسافته ، وكان لنا في طري مراحله وإتمام مفازته ، فسرنا وبلغنا أول سبيل ، وقلنا مستظلين بظله الظليل ، حتى وصلنا الركب فسرنا وبتنا غربي مستورة ، حيث تراءت لنا بخلوة مشهورة ، فرأينا هلال ذي الحجة ، أبين وأصفى من الحجة ، ليلة السبت ثاني عشر يناير من شهور العجم وهي قرية وبها بئر كبيرة مطوية بالحجر المنحوت إلا أن الرمل قد غلب عليها وحولها عمارة قليلة وبها قبر يزار عليه بناء واسم صاحبه الشيخ يحيى قالوا انه شريف من أهل اليمن.
ثم ارتحلنا من منزلنا ذلك وخلفناه ، ووالينا المصاحبة غيره فعزلناه ، فجد بنا السير ، وكادت المطايا من سرعتها تحكي الطير ، حتى أوصلتنا قرب الظهر رابغ ، وكم لها علينا من فضل شائع سابغ ، ووجدنا بها الأركاب المصري والشامي قد خيموا ، فإذا الشاميون على الرحيل قد صمموا ، فنقضوا أخبيتهم ، وعانقوا أرديتهم ، فارتحلوا ملبين ، وللسير مزمعين ، ووجدنا واديه قريب من العهد بالسيلان ، وجلسنا للصلاة في ظل النخيل والفسلان ، وجاء ركبنا فاخذ الناس منازلهم ، فالتحقنا بأصحابنا وأناخوا رواحهم.
ورابغ قرية فيها نخيل وآبار كثيرة في واد يأتي إليه السيل من بعيد تزرع فيه مفاثي كثيرة ودخن وذرة وهو من أخصب أودية الحجاز ثم اشتغل الناس بغسل ثيابهم والاغتسال ، والتنظيف وشراء النعال ، توجد هناك معدة للمحرمين إلا أنها في
__________________
(١) في الرحلة الناصرية بين.