المسلمين من سبقت له العناية ، وخرج فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للجهاد ، وقتل فيها أبو جهل رأس أهل العناد ، فبلغت الشهداء من السعادة أوفر نصيب ، وقلبت أعداء الله في القليب ، ووجدوا ما وعدهم ربهم من العذاب الأليم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، قال الشاعر :
يا أهل بدر لقد طابت مئاثركم |
|
وقد علا قدركم في أرفع الدرج |
فزتم بغفران أوزار وحسن ثنا |
|
على المدى نشره من أطيب الأرج |
يكفيكم في علاكم قول مادحكم |
|
هم أهل بدر فلا يخشون من حرج |
فيا لها من ليلة بت وقد أشرق بدرها ، وسما قدرها ، أذهبت عن العيون الهجوع ، لاشتغالها برؤية القناديل والشموع ، وأما الشموع فقد ملأت الأرجاء بالنور ، ومحت بضوئها ظلمة الديجور ، وقد دقت طبول الأفراح ، وزالت عن القلوب الأتراح ، وأحضر السكر الماد ، وأذيب في الماء للوراد ، ومليء به البواطي والحلل ، وسقي به جميع الطوائف وأهل العمل ، فشرب كل منهم أوفر نصيب ، فكانت ليلة من صفائها أقصر من جلسة الخطيب ، وقضينا الأوطار من مشاهدها المبتهجة ، وعدة المسير إليها ثمان ساعات واثنتا عشرة درجة ، انتهى كلام الشيخ البكري رضي الله عنه.
فسرنا نطوي المراحل ، وننضي الرواحل ، إلى أن رعت الغزالة نرجس الكواكب ، وصلى المكتوبة كل راجل وراكب ، إلى أن نزلنا بقاع.
البزوة والناس بقرب المزار في فرح ونشوة ، من رجال ونسوة ، وهو قاع لا يظفر غائصه بقاع ، ولا يرى المسافرون نظيرا له في البقاع ، ونزلنا بعيد المغرب ، ولا يرى من الناس إلا مضطرب ومطرب ، إلى أن تفجر ينبوع الفجر ، وقبض كل متهجد في مصلاه جائزة الأجر ، فشمرنا الذيل لقطع بسيط البزوة ، وكم فيه من غدوة وسروة ، فهو حقا قاع صفصف ، ومهمه نفنف ، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، ولا تجد فيه إلا