أتأمل ذلك كثيرا فلم أر شيئا مما يزعمه الحجاج إلا البرق نعم قال لنا رضي الله عنه وأرضاه الذي لا يمتري فيه انه نور النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة وإن كنت جميع الأنوار من نوره ما عايناه مرارا ونحن مجاورون بالمدينة المشرفة في الحرم الشريف فأنا نجلس أحيانا نهارا حتى يستفيض من ناحية الحجرة ما يخالف ضوء النهار فيغشي الحرم الشريف كله فيراه الناس.
قلت ولعل هذا الذي ذكر شيخنا رضي الله عنه أنه خاص أيضا به وبأمثاله ممن تنورت بصائرهم فاستنارت بها أبصارهم فيشاهدون الأنوار المعنوية محسوسة وإلا فكثير من الناس لا يشاهدون ذلك والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وفي آخر المضيق الذي بين الرمل والجبل عريش إلى الآن يزعم الناس انه موضع العريش الذي بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وإن ذلك موضع الواقعة وليس به.
ونزلنا بدرا بعيد المغرب وهي قرية حسنة ذات نخيل وماء عذب فيها بركة كبيرة تكفي الأركاب كلها ومادتها من عين هنالك وعلى ذلك البلد أنوار تلوح ، ورياح النصر تغدو وتروح ، وينشرح فيه الصدر والقلب ، ويتجلى فيه بصفة الجمال لكل مسلم الرب ، سبحانه وتعالى ، ومعالم النبوءة لا تخفى ، ومواطئ أقدام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لا تعفى ، وقد ظهرت على أهل هذا البلد بركة الرسول صلى الله عليه وسلم معلنين بذلك فأسعارها في الغالب أرخص من غيرها مع صغرها وانقطاعها عن البلاد وأهلها محفوظون آمنون مطمئنون مع سوء أخلاق عرب صبح المجاورين لهم وكان نزولنا خارج البلد.