يسرى الطريق والجبل الآخر يمناه فإذا بالناس يشرعون يريدون (١) الصعود لجبل الرمل أفواجا رجاء أن يسمعوا ما يوثر هنالك من صوت الطبل وزعم كثير من الحجاج أنهم يسمعونه هنالك.
تتمة ذكر الإمام ابن مرزوق في شرحه على البردة ما نصه ومن الآيات ببدر الباقية ما كنت اسمعه من غير واحد من الحجاج أنهم إذا اجتازوا بذلك الموضع يسمعون كهيئة طبل الملوك الوقت ويرون أن ذلك لنصر أهل الإيمان قال وربما أنكرت ذلك وربما تأولته بأن الموضع لعله صلب فيستجيب فيه حواجر الدواب وكان يقال لي انه دهس رمل غير صلب وغالب ما يسيري هنالك الإبل وإخفاقها لا تصوت في الأرض الصلبة فكيف بالرمل قال ثم لما من الله تعالى بالوصول إلى ذلك الموضع المشرف نزلت عن الراحلة أمشي وبيدي عود طويل من شجر السعدان المسمى بام غيلان وقد نسيت ذلك الخبر الذي كنت أسمع فما راعني وأنا أسير في الهاجرة إلا واحد من عبيد الأعراب الجمالين الذين كانوا معنا يقولون أتسمعون الطبل فأخذتني لما سمعت كلامه قشعريرة بينة وتذكرت ما كنت أخبرت به وكان في الجو بعض ريح فسمعت صوت الطبل وأنا دهش مما أصابني من الفرح أو الهيبة أو ما الله اعلم به فشككت وقلت لعل الريح سكنت في هذا الذي في يدي وحدث مثل هذا الصوت وأنا حريص على طلب التحقيق بهذه الآية العظيمة فألقيت العود من يدي وجلست إلى الأرض أو وثبت قائما أو فعلت جميع ذلك فسمعت صوت الطبل سماعا محققا أو صوتا لا أشك انه صوت طبل وذلك من ناحية اليمن ونحن سائرون إلى مكة المشرفة فظللت أسمع ذلك الصوت يومي أجمع المرة بعد المرة ولقد أخبرت أن ذلك الصوت لا يسمعه جميع الناس انتهى.
__________________
(١) في الرحلة الناصرية يهرعون يتجشمون.