شربه حصل له الإطلاق ، وهي مرحلة لا تراح بها النفوس ، ولا يضحك بها العبوس ، قال الشاعر :
يا من أتى اكره في سيره |
|
ابشر بنيل القصد والمنه |
لا تكره المكروه في اكره |
|
فبالمكاره حفت الجنة |
ومدة المسير إليها تسع ساعات بتمامها ، وثلث ساعة ثابتة في أحكامها ، ثم سرنا منها إلى مرحلة يقال لها الحنك ، ولها من بين القرى اسم مشترك ، بين فضاء واسع المجال ، ومراعي أعشاب للجمال ، إلا أنها خالية من الماء للوراد ، والإقامة بها إنما هي على طريقة السير المعتاد ، ومدة المسير إليها أربع عشرة ساعة من الزمان ، حررها أهل الإتقان ، ثم سرنا منها إلى العقبة السوداء المشتهرة ، وقطعنا مفاوزها ونزلنا بالحوراء النضرة ، وهي مرحلة رملها غزير ، ومخاطبها كثير ، وبها شجر الأراك الأخضر ، والماء من حفائر رملها يتفجر ، قال الشاعر :
جئنا إلى الحوراء وهي محطة |
|
فيها الأراك نزاهة للرائي |
ناديت خل قف بها متأملا |
|
وانظر لرمل مغمر بالماء |
واغنم زمانا مقبلا بسعوده |
|
فيه اجتماع الشمل بالحوراء |
ومدة المسير إليها في جمل الإعداد ، حررها أهل الإرشاد ، ثم سرنا منها إلى مفازة نبط ، وهي حد عربان جهينة في الشيل والحط ، وبطرقها مضائق وحدرات ، وجبال راسيات شامخات ، وشجر أثل كالنخيل ، وحفائر ماء عذب يشفي العليل ، قال الشاعر :
وفي اكره والتي بعدها |
|
مرارة ماء تزيد القساوه |
فجئنا إلى نبط نشكر الظما |
|
فانعشنا ماؤها والطلاوه |
ولما صبرنا على مرها |
|
فاعقبنا صبرنا بالحلاوه |