قال الشيخ أبو سالم ووقوع ذلك في الإياب كثير وفي الركب المصري أكثر وقد غمرتنا فيه والحمد لله ألطافه تعالى الخفية ، وحضرتنا منته ومواهبه السابغة الوافية ، فلم نر به بأسا في الحر ولقر والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتنزل البركات.
ونزلنا مغيب الشفق قبيل الخضيرة وصلينا بها الصبح وقطعنا الوعرات السبع المسماة على ألسنة الحاج بسبع وعرات وخرجنا إلى متسع من الأرض وبلغنا ينبع النخل غروب الشمس ولما قربنا مضيق ينبع تأخر كثير من الصعاليك فخرج عليهم المحاربون وجردوا صعلوكا فصاحوا ورجع إليهم بعض الحجاج فهربوا وجلسوا تحت أحجار ورموهم ببنادق ورماهم الحجاج فكفى الله شرهم واستبشر الناس بقدومهم الينبع لأنها أول بلاد الحجاز العامرة وفيها قرى كثيرة ومزارع ونخيل وعيون جارية وذكروا أن عمرانه متصل نحو ثلاثة أيام والقرية التي ينزل بها الركب هي آخر القرى التي من ناحية البحر وليس بعدها إلا ينبع البحر الذي هو المرسى وغالب أهل القرى يأتون إلى هذه القرية التي ينزل بها الحاج للتسوق وتعمر هناك سوق كبيرة يوجد فيها غالب المحتاج وتجلب إليها البضائع والسلع ذوات الأثمان ويجلب إليها من الثمار والفواكه والحبوب والفول شيء كثير وهناك وجدنا أخبار المدينة ومكة زادهما الله تعالى تشريفا وتعظيما ، وتبجيلا وتكريما ، ووجدنا أيضا أخبار سائر بلاد الحجاز وتعرفنا على رخصها من غلائها وخصبها من جدبها ومن هناك تجلب الميرة للمدينة الشريفة لأن السفن الجالبة للطعام من مصر ما كان منها للمدينة يرسي بينبع البحر وما كان منها لمكة يتجاوز إلى جدة فإذا وصل الطعام إلى الينبع حمل منها إلى المدينة تحمله أعراب تلك الناحية من بني سالم وجهينة ويتداركون بالطريق من هناك للمدينة.
قال شيخنا أبو سالم وأكبر جبال تلك الناحية جبل رضوى وهو المشرف على