الغارات إلى أن قال ومن أمثال الحاج لا رجال إلا رجال الحوراء ولا جمال إلا جمال الدورة ويعنون بالدورة الرجعة يعني لا يعد صابرا من الجمال (١) إلا من صبر في حالة الرجوع من الحجاز إذ هو آخر السفر ومحل قلة العلف ومنه ذاهبين مع واديها الكثير الأشجار من أراك وغيره ثم يعدل الحاج يمينا إلى الوادي المسمى على السنة الحجاج بوادي العقيق.
قال شيخنا أبو سالم ولا مناسبة بين الاسم والمسمى بل تسميته بوادي العقوق انسب لشدة جرأة أعرابه على السرقة فإنهم من أجرأ الناس على ذل ثم منه إلى النبط وبه آبار محكمة البناء بالحجر المنحوت وماؤها عذب حلو غزير في الغالب.
قال أبو سالم وغزارة ماء أودية الدرب إنما يكون بحسب كثرة المطر وقلته فإذا حمل الوادي ولو مرة في السنة غزر ماؤه سائر السنة ومنهم إلى الخضيرة مرحلة لا ماء فيها ولا في الخضيرة إلى الينبع حاصله يومان لا ماء فيهما ومن النبط إلى الخضيرة واد حار وهو مكان يتشوق الناس فيه ويموتون عطشا إلا إذا وجد فيه ماء المطر وهذا الوادي قد وافق فيه الاسم المسمى قلما تخلو سنة من شدة تقع للحجاج فيه من عطش أو موت وهو واد كبير طبق ما بين جبلين لا سعة فيه من النبط إلى الخضيرة فإذا اشتد الحر في النهار حجبت الجبال عنه الهواء البحري فينعكس غربيا أو شرقيا صاعدا من الوادي أو منهبطا فيصير سموما محرقا ولا ماء هناك فربما أتلف الناس فيه العطش المهلك وربما أحدث ذلك سمية الأبدان بقبح الهواء مع حرارته فتموت المئون بل الآلاف من الخلق في أسرع مدة فيأخذ الرجل الماء فلا يضعه من يده حتى يموت.
__________________
(١) في الرحلة الناصرية الرجال.