وهذا شأن الكرام ، الذين قطعوا علائق الدنيا على الدوام ، فأقمنا بهذا البندر ثلاثة أيام ، وبعدها طوينا المضارب والخيام ، ومدة المسير ثلاث عشرة ساعة ، وخمس من الدرج في علم الصناعة ، انتهى كلام البكري إلى أن قال.
ونزلنا بالموضع المسمى بدار أم السلطان قبل الغروب وبه آبار عذبة المياه ، تستلذه الأفواه ، على انه سخن ولكنه سريع الانفعال للهواء وهي محدثة وأحلى ما في الدرب من الماء ومثلها ماء النبط أخبرني بعض كبراء أعراب هذه النواحي أن الأمير إبراهيم الففاري هو الذي تسبب فيها وانه طلع للحج وبعث إلى أخيه بمصر وقال له أن الماء الطيب بهذا المنزل إن مت فاحفره وأكد عليه في ذلك ومات بمكة لما حج وحفر أخوه آبارا ولها نحو من عشرين سنة والمحل قبل لا ماء به انتهى كلامه إلى أن قال.
ومررنا بالمضيق الموسوم بشق العجوز وسايرنا البحر المالح عن يسارنا جبال سلمى وكفافة ومررنا ضحى بقبر سيدي مرزوق الكفافي على ساحل البحر عليه أعواد قد علم بها عليه والناس يتبركون به وطلعت الشمس فارتفعت حارة ونزلنا بندر الأزلم قبيل الاصفرار ووجدنا به شرذمة من الأعراب يبيعون الحشيش والغنم وبه ثلاث آبار كبيرة محكمة والبناء وماؤها غزير إلا أنه زعاق يصلح للإبل ولضرورية الناس من غسل ونحوه ولا يسيغه إلا المضطرون قال الشيخ أبو سالم وعلى يسار البندر بعيدا عن الآبار حسى أي ماء حي محفور في الأرض ليس بمطوي ماؤه أحسن من ماء الآبار إلا أنه قليل ولا يعرفه الكثير من الناس وهذا البندر قليل الجدوى لقبح مائه وقربه من المويلح ومن الوجه هما أتم منه منفعة فليس فيه كبير فائدة وقد انهد ما في داخله من البيوت وتثلم بعض سوره والخلاء أقرب إليه من العمارة شعر :