إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى |
|
فابعد كن الله من شجرات |
انتهى ثم ارتحلنا منه إلى أسطبل (١) عنتر وفيه ثلاث آبار قليلة الماء وهو حلو طيب للشراب وأما الإبل فلا تكاد تطمع فيه.
ثم مررنا بوادي الأراك وهو واد واسع يأتي من ناحية الشمال والبحر عن يمينه قريب منه وفيه كثير من شجر الأراك الأخضر الناعم ثم يسير الماشي في مضائق بين فدافد من جبال ذات حدور وصعود إلى أن يصل إلى بندر الوجه وفيه حصن حصين في حرف واد كبير يخرج بين جبلين والناس يتهيئون النزول في أصل الوادي إذا كان الوقت وقت السيول فيرتفعون عن جنبي الوادي وفي الوادي عدة آبار بعضها أحسن من بعض والتي فوق البندر أحسن من التي تحته وداخل البندر بئر تسنى بالبقر وتصب في ثلاث برك لصق حائطه أحداهما من بناء الأمير رضوان في آخر أيامه واثنتان من بناء مملوكه الأمير غيطاس عام تولى إمارة الحاج بعد مولاه والبرك الثلاثة ملاصقة لسور البندر.
قال أبو سالم وفي أعلى الوادي بين الجبلين ماء يسمى الزعفران وماؤه طيب إلا أنه قليل فإذا كثر الزحام على الآبار طلع إليه أهل الجرأة من الناس وربما هجمت عليهم العرب هناك فيقع بينهم قتال إلا أن الموضع قريب من البندر فيغاثون واستقى الناس ما احتاجوا إليه وأوردوا إبلهم بالغوا في حمل الماء [وتعاهدوا أسقيتهم وأوثقوا أوكيتها ولم يألوا ما ملئوا من الأوعية وباتوا ليلتهم في الآبار إذ نزحت وكابد الناس لذلك مشقة فادحة](٢) لأنهم استقبلوا المياه القبيحة والمسافة العويصة التي ليس في الدرب أصعب منها لتوالي المياه القبيحة فيها وبعد العمارة
__________________
(١) كذا في بعض النسخ وهي لغة في الاصطبل بالصاد.
(٢) ما بين القوسين ساقط في الرحلة العياشية.