النساء في المهيا (١) وهو يسير كأنه ليس في ذلك المحل الصعب والمنة لله فتعجب كل من رأى ذلك وذلك كله من فضل الله تعالى علينا فلما انفصلنا وانحدرنا من العقبة إلى ساحل البحر اشتغل الناس بالغداء فلما فرغوا منه اخرجوا أسلحتهم وأمامهم من البارود واجتمعوا على قدم واحدة وقدموا أمامعم سلطان فزان بالبارود واللعب بالخيل وكذا الناس على الأرجل إرهابا لعرب العقبة إذ العام الذي قبل عامنا أخذوا ركب المغربي لقلته وقلة سلاحه وبينما نحن كذلك وإذا عسكر من الركب المصري خرج ولقينا برعود من البارود والخيل تعلب والناس كذلك إلى أن وصلنا إلى البندر فتعجب كل من كان في ذلك من أهل ذلك الوطن من العرب ومن تسوق من غيره حتى بلغ ذلك أقصى عرب الحجاز فلا تجد سارقا يدور بنا ولا قاطع طريق ليلا ونهارا خوفا من الركب المغربي لكثرته وكثرة سلاحه لا سيما الركب الجزائري نعم الركب المصري يخاف منا ومع ذلك هو في قوة عظيمة أمد مروره ثماني ساعات كما رسمه من اعتنى بذلك بالدرج فكل عام أمير الحاج من مصر يربط من الركب المغربي ويفعل فيه ما شاء إن شاء قدمه وإن شاء أخره وإن شاء زاد في الكراء زاد وغير ذلك من ظلم الغزّ (٢) أما عامنا وركبنا هذا فليس عليه حكم ولا له عبرة على أن ركبنا تعصبوا وقالوا إن أبى إلا أن يحكم علينا منعناه وضربناه وفتناه فلما رأوا منهم ذلك فروا عن الحكم عليه فلا نقول إلا سلم سلم كما سمعت منه ذلك ومع ذلك أنه رجل حليم لا يرضى بالفساد ولا الظلم الكثير والحمد لله على ذلك.
قال شيخ شيوخنا سيدي أحمد بن ناصر ما نصه ثم ظعنا بكرة يوم الخميس ثامن ذي القعدة التاسع والعشرين من دجنبر وثامن عشر الليالي وما تعالى النهار ، وتفتحت للشمس عيون الأزهار ، حتى رأينا عقبة ايلة وخبرها قد روع القلوب ،
__________________
(١) في نسخة المهيع.
(٢) كذا في جميع النسخ.