خصه الإبل أو بدله فلما أصبح الله بخير الصباح ظعنا منه عند الضحى فلما انفصلنا تأخر بعض من أحبابنا وهو الحاج بلقاسم الحربيلي ثم اليعلاوي يشتري جملا من بعض العرب فتأخرنا مع فاشتراه فلما أقبض الدراهم لصاحبه هرب الجمل فتبعته على بغلتي حتى آيست من لحوقه وخفت اللصوص من الحراميين ورجع سيدي أحمد المسراتي على فرسه ولحقه ثم وقع الصياح في آخر الركب أن فلانا وأصحابه قد أخذه اللصوص فرجع البعض إلينا بأسلحتهم فلم نر إلا خيرا والحمد لله حتى لحقنا بالركب وصاروا يحمدون السلامة لنا لما علمت من كثرة عطب الطريق وكثرة محاربيه ولصوصه فلا ترى أحدا تأخر إلا أخذ وسلب أو هلك فالحمد لله علينا نتأخر نحن معاشر الإخوان عن الركب كثيرا واللصوص في آثارنا فلا نرى منهم ما يكره فلم يسلب أحد إلى أن وصلنا إلى مكة المشرفة ثم كذلك نسير والحمد لله حتى قربنا بئر الصعاليك فبتنا من الحجاج من سقى من البئر المذكورة وهي عميقة جدا وماؤها بارد فكاد أن يكون كالثلج إلا أنه قبيح لا يكاد يساغ من مرارته وفي أثاره بناء قديم ولما ظعنا سرنا بعد في أودية وشعب صعبة في يوم قوي ريحه واشتد أمره فلا تنفع فيه استراحة ولا نزول ونحن كذلك سائرون إلى قرب سطح العقبة فنزلنا وبتنا في خير وعافية ومات بعض من أهل وطننا فدفناه ليلا.
ولما صبح الله بخير الصباح ذهبنا إلى أن بلغنا سطح العقبة فانتظر الحجاج بعضهم بعضا يسيرون على قدم واحد فاستعدوا بأسلحتهم وافترقوا فرقا فمنهم من سبق ومنهم من تأخر ومنهم من توسط خوفا من متلصصي العرب لكونهم في الغالب لا يتركون الشر في ذلك الموضع فنحن معاشر ركبنا لم نر منهم أحدا والحمد لله غير أن كل من كان من أهل الركب إلا نزل ولو كان من أهل المخدرات فيسيرون على أرجلهن ولو نساء الملوك فرأينا نساء السلاطين ذاهبات على أرجلهن وأنا والحمد لله عيالي ما نزلوا أبدا نعم جعل الله البركة في الجمل الذي حمل اثنتين من