استيقظ ابن عمنا خالي عبد العزيز الشريف فذهب في أثارهم وكذا أنا تبعته وقد جاء بعض الناس في أثرنا وذهبنا في ظلمة الليل في ذلك الوادي حتى لا نسمع صوت الركب ولا عرفنا أثرهم فلم يرجع أحد منا حتى أيسنا من لحوقهم فرجعنا خائبين.
فلما أصبح الله بخير الصباح ظعنا منه وسلكنا طريق اليمين إلى النابعة لكثرة مائها وعذوبته وقلته في الطريق الميسرة ولما انفصلنا عن دارنا سبقنا أنا والفاضل أخونا في الله سيدي أحمد الطيب في غيم شديد ورياح شديدة حيث لا يمكن الركوب معها فلحقنا الفاضل الكامل الأخ الشقيق والودود الصديق سيدي محمد الشريف البلغيثي النوفلي والفقيه الأديب سيدي محمد بن عزوز وسيدي الحاج أحمد المسراتي الجميع على البغال والحالة أن الركب تأخر عنها كثيرا بحيث لا نرى له أثرا فنزلنا على البغال في موضع منخفض على الريح نرتقب الركب فصلى من صلى منا الضحى واطمأن بنا المجلس إلى أن لحق الركب ونحن كذلك حتى دخل السبحة فركبنا ولحقناه ثم سرنا كذلك إلى قرب الزوال فنزلنا النابعة في رمل عظيم بين آبارها المحفورة إلا أنها مملوءة بالرمل إلا البعض منها غير أن التي عذب ماؤها عذبا شديدا لم ينزل عليها الركب لأن ماءها يكاد أن يكون كالنيل.
وبالجملة فماؤها عذب وأن اختلفت عذوبته فاشتغل الجميع بالسقي إلى أن ملئوا أسقيتهم فسقوا واستقوا مع كثرة الهرج من الحجاج لقلة الحكم من الأمراء إذ لا يقدرون عليهم لكثرتهم وكثرة تعصبهم غير أن فضل الله عليهم لما لم يكن فيهم قتال وموت ذريع حسبنا الله منهم ونعم الوكيل.
وظعنا منه حين تنفس الصبح فانفصل ركبنا بخير وعافية فسار في تلك الرمال وهي كالجبال ترى كثيبا منه تقول لا يخرج منه أحد على خير فإذا دخلتها خرجت منه على أحسن حال ونحن كذلك إلى أن وصلنا إلى دار بعدها فنزلنا بعد العشاء ومنهم