بني إسرائيل ولها طرفان رمل يزيد تارة وينقص تارة أخرى لا يراها إلا تائه والله تعالى اعلم ثم ظعنا منه يوم الاثنين وغلسنا الرحلة وانفرد عن الركب مسائره بإزائه رجل من أهل توات مع ولده وعبده بعد ما حلموا على جملهم ولقوا جماعة من المتلصصة فأخذوا الجمل وما عليه وهو كل ما يملك وذلك مقدار ثمانمائة مثقال تبرا بعد ما شجوه فخر صريعا نسأل الله السلامة والعافية التامة فالله يخلف له من فضله الفياض أنه الكريم الوهاب وأتينا بنرد النخيل قرب الزوال ووجدنا الركب التونسي نازلا واستقرت بهم الدار وحططنا الرحال وتسابق الناس لسقي الجمال والبغال وصادفنا فيه بقية من السوق به بعض الفواكه الشامة أتى بها أهل غزة مثل الزبيب الفاخر الحلو ونحو ذلك وذلك عادتهم أبدا يتعرضون للركب هنا ذهابا وإيابا بالكثير من أنواع الفاكهة الشامية.
وهنالك بندر حصين فيه بئر ماء عذبة كثيرة لا تنزح أبدا يسقى منها بالبقر إلى برك خارج الحصن وهي ثلاث بركات مثل ما بعجرود إلا أن هذه أكبر وقد وجدنا الماء فيه فاضلا عن الكرب المصري وأخذ الناس منه حاجتهم وهو من المواضع التي يصعب فيها الماء إذ ليس فيه إلا بئر واحدة فإذا شرب المصري ما في البرك وقعت الزحمة على البئر فلا يصل الناس إلى الري إلا بعد تعب شديد ومشقة فادحة واتفقت الأركاب المغربية على الذهاب وعدم البيات به فلما قضوا منه الغرض ، ووفوا الحق المتفرض ، سرنا ونزلنا بعيد المغرب وقل في ركبنا الفلاحون فضبط أمر الركب بعض ضبط.
قال الإمام أبو سالم وقد كانوا في غالب السنين يكثرون عليهم في الركب المغربي فرارا من جور عساكر المصري فيكثر ضجيجهم وخصوماته فلا يكاد ينضبط للركب المغربي أمر من كثرتهم فيه فيرحلون في غير أبان الرحيل ويتبع الأخر الأول