ولم أنس بالتيه يوما به |
|
تفاني الحجيج صدي وولوها |
وان يستغيثوا يغاثوا بماء م |
|
عجرود كالمهل يشوي الوجوها |
قلت وكذا يشتد أمره في زمان الشتاء لأن أرضه عراء لا حطب فيها وقد تتلف به النفوس من البرد وأما عامنا هذا فسلكناه في أطيب هواء ولا حر ولا قر ولا مخافة ولا سآمة ووجدنا به اصفرار غدران من الماء في أخاديد ما كفى الله به شر العطش وأوامه فتوسطنا التيه فنزلنا بعيد المغرب.
والتيه كما في خطط المقريزي أرض بالقرب من آيلة لا يكاد الراكب يصعد إليها لصعوبتها إلا أنها مهدت في زمان جاروبة بن أحمد بن طولون وهو مقدار أربعين فرسخا في مثلها ويسير الراكب مرحلتين في فحص التيه حتى يصل بحر فاران وفيه غرق فرعون وفيه تاه بنو إسرائيل أربعين سنة لم يدخلوا مدينة ولا أووا إلى بيت ولا بدلوا ثوبا وفيه مات موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ويقال أن طول التيه نحو من ستة أيام واتفقوا أن الممالك البحرية لما خرجوا من القاهرة هاربين في سنة اثنتين وخمسين وستمائة وطائفة منه بالتيه فتاهوا فيه خمسة أيام ثم تراءى لهم في اليوم السادس سواد على بعد فقصدوه فإذا مدينة عظيمة لها سور وأبواب كلها من رخام أخضر فدخلوها وطافوا بها فإذا هي قد غلب عليها الرمل حتى طمر أسواقها ودورها ووجدوا بها أواني وملابس وكانوا إذا تناولوا منها شيئا تناثر من طول البلى ووجدوا في صينية بعض البزازين تسعة دنانير ذهبا علها صورة غزال وكتابة عبرانية وحفروا موضعها فإذا حجر على صهريج ماء فشربوا منه ماء ابرد من الثلج ثم خرجوا ومشوا ليلة فإذا طائفة من العربان حملوهم إلى مدينة الكرك فدفعوا الدنانير إلى بعض الصيارفة فإذا عليها أنها ضربت أيام موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ودفع لهم في كل دينار مائة درهم وقيل لهم أن هذه المدينة الخضراء من مدن