الأوصاف ، قد مدحت أطيارها ، ونفحت بالنسائم أزهارها ، وبها الخيام منصوبة ومرفوعة ، والخيرات لا مقطوعة ولا ممنوعة ، مع وقوف أشائرها على الأقدام ، يستدل بضوئها في الليل من له على القدوم إقدام ، كأنها في جنح الليل نجم الثريا إذا اقترنت بالنثرة ، أو الأكليل إذا قارن الزهرة ، وبها سوق يساق إليه بدائع البضائع ، التي يحتاج إليها المسافر في أكثر الوقائع ، ما قصد نحوه قاصد ، إلا وعاد منه موصولا بالصلة والعائد ، وكان هذا النعيم المقيم مسامرنا ومسائرنا في الذهاب والإياب ، إلى أن رجعنا إلى بركة الحاج ثانيا ولاقينا الأحباب ، قال الشاعر :
في بركة الحج ترى |
|
نخلا زها لكن عجب |
زبر جدا يحكي وما |
|
ثماره إلا ذهب |
فيها نسيم رائق |
|
بلطفه يشفي الوصف |
والطير فوق مائها |
|
يشدو بأنواع الطرب |
فيا لها من بركة |
|
تبلغ القلب الأرب |
عوذتها من طارق |
|
وغاسق إذا وقب |
وبعد ما كملت الركائب ، واجتمع بعد التفريق نجائد النجائب ، وانقضى مقام المقيل ، ونودي في ذلك المكان الرحب بالرحيل ، وحمل المحمل الشريف ، وفارق المربع والظل الوريف ، وسار الركب سير السيل ، وتسابقت العيس لجهات الخير كأنها الخيل ، حتى وصل إلى قرب البويب المعروف بالتصغير ، وفي الحقيقة هو باب الدرب ومفتاح المسير ، فاجتمع شمل الركب في ذلك المكان ، ورجع المودع في خبر كان ، فاستراح الناس والبهائم ، واستيقظ بسهر الليل كل نائم ، ثم أطعمت الجمال العلائق ، وقطع الحجاج من تلك المحطة العلائق ، ومدة المسير في تلك المرحلة ، ثلاث ساعات مكملة ، ثم نادى منادي الرحيل ، فسار الركب إلى أن أصبح مقاربا للبئر الطويل ، وهو المكان المعروف بالمصانع ، ومطلب راحة الناس في الإقامة لو لا