ماء البحر وعلى رهطه بالليل في الأوكار ولم تبق له باقية ويقال أن بعض الفلاسفة أراد ملك من الملوك قتله فاعطاه قدحا فيه سم ليشربه واعلمه بذلك فظهر منه مسرة وفرح فقال له ما هو هذا أيها الحكيم فقال له هل أعجز أن أكون مثل فقنس انتهى كلام المقريزي مع بعض حذف ولو الإطالة بما لم يكن لنا بصدده لاستطردنا ذكر البحور السبعة ومواقفيها وكيفية مجاريها في أمكنتها وإنما تعرضنا لهذين لأن لهما تعلقا بطريق الحاج ومجاورتهما له ذهابا وإيابا والله الغفور بفضله وطوله.
قال شيخنا أبو سالم.
تتميم قد ظفرت بمصر برسالة للشيخ البكري وأظنه شيخنا محمد ابن الشيخ زين العابدين ذكر فيها منازل الحج ودياره ذهابا وإيابا وحقق قدر ما في كل مرحلة من الساعات والدرج والدقائق وصعوبتها وسهولتها بنثر بليغ وعبارة رائقة وذكر في كل منزلة شعرا يتعلق بأحوالها فأردت أن اقتطف منها ما يكون في أذن هذه الرحلة شنفا إذ كلامي بالنسبة إلى كلامه لا يعد معه صنفا ولما كانت المنازل التي ذكرها قد لا تتفق مع منازلنا ومراحله تزيد أو تنقص عن بعض مراحلنا لم أذكر في كل مرحلة ما يناسبها من كلامه فأخرت ذلك إلى آخر مرحلتين أو ثلاث أو أزيد فاخترت لإدراج كلامه المراحل التي فيها البنادر لأنها في الغالب متفقة فإذا جاء ذكر بندر من البنادر ذكرت من كلامه ما يتعلق بالمراحل التي قبله ليكون ذلك أسهل لمطالعته وأبقى لرونق كلامه من التقطيع وكثير التوزيع.
قال فلنذكر الآن من كلامه ما يتعلق بالمراحل التي قبل عجرود فأقول قال الشيخ البكري رضي الله عنه فأول المنازل البركة المباركة ، التي توحدت في مشارق أنوارها ومشارع شوارع أقطارها عن المشاركة ، وقصرت عن أوصافها ذوو اللّسن ، وجمعت بين الماء والخضرة وقدوم الوجه الحسن ، فهي مخضرة الأكناف ، بديعة