على واد به ماء طيب بآبار قريبة القعر يحفر الإنسان بيده فينبع له الماء قريبا بحيث تتناول الدابة منه بفيها من غير كلفة وأخبرني بعض من كثر ترداده في هذه الطريق أن هذا الموضع يجدون به الماء ولو في الصيف هذه الأزمنة وهذه السنة زاد الماء فيها كثيرا من كثرة الأمطار ونداوة الأرض إلى أن قال وهو عن يمين الذاهب لعجرود فسرنا ومررنا كذلك على واد به فيعان من ماء يسيل سيلا تاما من المطر بإزاء عجرود فقلت لأعرابي حجازي هذا الماء طيب فقال مجيبا نعم زي الشهد إلى أن قال وماء عجرود يضرب به المثل في القبح واشتهر بذلك مع وجود ما يضاهيه كثيرا في مياه الدرب إلا أنه لما كان أول ماء يرده الحاج قبل أن يألف مشاق الطريق مع اعتياد الناس قبل ذلك لمياه النيل ووجود فضلة منه لا يكادون يسيغون منه جرعة إلا وهمت بطونهم بالرجعة.
وفي هذه المورد حصنان متقاربان مبنيان بأوثق بناء يترك الناس فيهما ما استثقلوه من الأزودة والأمتعة إلى الرجوع وكثيرا ما تعطب المؤمن من الإبل في هاتين المرحلتين بجد السير وثقل الأحمال إذ لم يخفف منها شيء والإبل قد ألفت الراحة بمصر ويغلب عليها السمن وكثير من الناس لا يشفقون عليها فيحملونها فوق طاقتها ولا يرخون عليها في المشي لما يتوقعون من خوف اللصوص على من تأخر فكل واحد يريد أن يتقدم وقد لطف الله بنا عادة عودناها تعالى في جميع الأحوال فنتأخر عن الركب ونكون في أخرياته فنسير على مله بإبلنا وينضم إلينا من ضعف من الناس أو تأخر لغرض فكان لنا في ذلك وللناس خير كثير فلم نر ما رأى الناس من المشاق وموت الإبل وفي أحد الحصنين اللذين هناك بئر كبيرة تسني دائما بالبقر ويخرج الماء من البندر إلى برك ثلاث خارجات اثنتان صغيرتان والثالثة كبيرة وبهما عسكر لا يفارقهما أبدا وكذلك غيره من البنادر في كل سنة يأتي قوم فيذهب الذين كانوا يه ولهم جراية من بيت المال على ذلك ولو لا لطف الله بالعباد بوجود هذه