نسيت الأول ثم كذلك إلى هلم جرا.
نعم أحوال مصر داخل المدينة وخارجها كافية في الاعتبار إذ في أهلها وأسواقها ودكاكينها وأزقتها وديارها ووكلاتها قهواتها ومساجدها ومدارسها وعجائب قرائها وعلمائها وصلحائها وطلبتها وفقرائها وظلامها وبطارقتها وأهل شرطتها وجنودها وعساكرها وأمرائها وكثرة خلقها وكذا سحرتها وزناديقها وكذلك كثرة اليهود فيها مع النصارى وكذا مقابرها في القرافة الصغرى والكبرى وكذا عجائب ما فيها من البنيان وأعجب من ذلك ما فيها من العلماء المؤلفين والأولياء الصالحين ممن يستجاب الدعاء عند الجميع وكذا خارج المدينة ففيه من القصور والغرف وصهاريج من الماء وكذا ما في داخلها من الحمامات والأفران على أن سعة الديار فيها وعلو أسوارها وتزيينها بالنحاس والذهب والفضة فبعض الديار إن كان أحد في طرفها والأخر في الطرف الآخر لا يسمع كلامه بل وقد لا يرى له شخصا فإن رآها بعض الناس غاب عن حسه لما أصابه من مشاهدة رونقها يكاد المرء أن تكون عنده الجنة عجائب وغرائب لا تكاد توجد في غيرها من البلدان أيا كانت هذا الذي سمعته بعد أن دمرها الله وغيرها بسبب الفسوق والعصيان على أنها الآن قد كثر فيها الظلم حتى سمعت من الشيخ العارف المحقق الفاضل سلطان الموحدين شيخنا الشيخ الحفناوي يقول في حجتنا هذه إن ظلم ولاتها قد وصل كل جنس من أجناس الآدميين حتى بلغ ظلم الحاج المغربي والعلماء والطلبة والفقراء والأشياخ والصناع والتجار والمجاورين وسائر الناس قاطبة ولذلك ابتلاهم الله بالشقاق والفتنة فكانت مصر لمن غلب وقد قال صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أسرع بصاحبه كالظلم.
فإذا علمت هذا علمت أن والي بولاق قد تعدى على ركبنا أهلكه الله وأخلى منه الأرض وكذا معينه يمسك جماعة بعد جماعة من الحجاج ويلقيهم في السجن فإن