لعدم السبقية فيه ولهذا قال ابن التلمساني المذكور وتبعه المحقق المراكشي في حاشيته على الصغرى وكذا اليوسي في حاشيته على الكبرى أن كمالاته تعالى لا نهاية لها بحسب الواقع وإنها صفات موجودة قائمة بذاته غير متناهية ودعوى الإجماع أن كل ما دخل في الوجود قديما أو حادثا متناه منقوض بمذهب الإمام الصعلوكي في قوله أن علمه تعالى يتعدد بتعدد المعلومات ومعلوماته غير متناهية لأن الإجماع لا ينعقد بدونه إلخ ما ذكره الشيخ اليوسي فظهر لك أن الأدلة العقلية غير جارية فيه وكذا الإجماع لما ذكر الصعلوكي وكذا ابن الحاجب في تعدد القدرة سلمنا الإجماع غير انه دليل ظني.
قلت سلمنا ذلك غير أن عدم إحالته ممنوع وسند المنع أن أمر الكمالات عدد وكل عدد أما أن يكون زوجا أو فردا أو غير زوج ولا فرد أو زوجا فردا وكل ذلك لا يصح لأنه أن كان زوجا أو فردا فهو متناه وأما غير زوج ولا فرد فمستحيل وكذا زوجا فردا فمستحيل أيضا فإذا علمت هذا علمت استحالته في القديم أيضا وإن كان هذا الجواب أفحاميا إذ أكثر أدلة الكلام أفحامية أو اقناعية.
نعم حصول الفائدة للناظر من هذه الأبحاث إشكالا وجوابا ظاهرا للمعتني بالعلم والراغب فيه وإما غير فضائع فيه كتعليق وعاء فيه مسك للحمار أو نثر الجواهر للدجاج.
وبالجملة فأمر مصر وحالها من يوم عمارتها إلى الآن أمر غريب وعجائبها في العلوم والمعارف والعوارف والولاية لا تحصى وغرائبها كادت أن لا تستقصى فمن اختبرها وعاين بعض أحوالها حصل له اليقين الخاص والعبرة العظيمة.
ومن عجائبها في كل شيء أنك إذا رأيت شيئا عظيما ثم رأيت شيئا أعظم منه