أن العلم بقدوم زيد يوم الخميس تابع لقدومه بالفعل ولو كان القدوم بالفعل تابعا للعلم بالقدوم لدار وهو محال لأن القدوم بمنزلة التصور والعلم به كالتصديق وقد علمت أن التصديق تابع للتصور ولو كان التصور تابعا له لدار وهذا معناه والله اعلم ذكره بعض أفاضل المحققين وقال بعضهم إرادة قدوم زيد كما سبق متبوع والعلم بقدومه تابع لإرادة قدومهم ولو كان العكس لدار نعم العلم بالأشياء [كلها سابق تعلقا على إرادتها وأما العلم بوقوع شيء فهو](١) مسبوق بإرادة وقوعه وغير ذلك أنظر القاضي زكرياء على الرسالة القيشرية.
والسؤال الثاني في أن البصر في حقنا يتعدد بتعدد المبصرات فما لم تره فلمانع قام بالعين فلزم عليه أن الجزء الواحد قامت به أبصار وموانع وهي أضداد يستحيل اجتماعها في محل واحد فلم يتفق له الجواب أيضا كأنه رضي الله عنه وان حصل له العلم تحقيقا فقد طال عليه العهد برؤية الكتب لما علمنا من حاله انه ذهب للسيد الشيخ المعلوم ذي الطريقة المشهورة والأنوار الظاهرة والكرامات الحاضرة والأحوال الباهرة وكيف لا وهو من ذرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقد سرت (٢) فيه روحانيته صلى الله عليه وسلم فاشتغل عنده بالأسماء وخواصها حتى نسي العلم وقد مكث عنده مدة طويلة أكثر من عشر سنين فأثر فيه ذلك النسيان.
أقول في الجواب أن الموانع والأبصار وإن كانت متضادة بحسب المعنى غير أن ما تعلق به البصر غير ما تعلق به المانع فلا تضاد ذكر هذا الجواب بعض المحققين من الأفاضل.
فإن قلت إنما يتم لو تعدد المحل فلما كان المحل واحدا وقام فيها المتضادات
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في نسختين.
(٢) في ثلاث نسخ سارت.