ذلك لأن الشيخ نفعنا الله به ضرير أي أعمى ومع ذلك انه من أكابر الأئمة وأفضل علماء مصر فلا ترى أحدا في الجامع مثله لأنه شيخ الجميع كما سبق وإمام المحققين على ما تقرر واشتهر.
هذا وقد وقع بيننا وبين الوالد رحمه الله نزاع في بعض المسائل من مسائل الفقه فاستظهرت أنا والعلامة الفاضل والمحقق الكامل عمنا سيدي محمد الصغير أمرا والوالد جزم بفهم آخر وهو قول خليل وتفكّر بدنيويّ إذ ذكره في باب المكروهات فقال جميع من شرحه محل ذلك إذا درى ما صلى وإلا بطلت صلاته أي أن لم يدر ما صلى بطلت إلخ فقال الوالد يصدق ذلك أي عدم الدراية ولو بركعة واحدة لأنه لم يدر ما صلى فقلنا له في الرد عليه هذا يبنى على المحقق ويأتي بالمشكوك فيه لأن قولهم أن لم يدر ما صلى إلخ إذا صدرت منه أفعال كثيرة ولم يظبطها أصلا ولم يتحقق عنده ولو ركعة فهنا تبطل الصلاة لأن الفعل المضارع في سياق النفي كالنكرة في سياقه يفيد (١) العموم فلما ذكرت ذلك له أجابني بما قال به أبي نعم عندنا أنه لا بد لمن يضبط شيئا من الصلاة بمنزلة من صدرت منه أفعال أجنبية منها فتبطل صلاته غير أن الشيخ ابن أبي جمرة ذكر في مسألتنا هذه قولين والله اعلم.
حاصله علمه مشهور ، وتحقيقه مذكور ، وقد حضرنا موته في الحجة الثانية وقد ازدحم الناس على الصلاة عليه بان لا تجد موضعا في الجامع الأزهر إلا وهو عامر فقد أتى للصلاة عليه أكثر أهل مصر ومات فجأة رضي الله عنه وخطب الإمام عليه على المنبر خطبة عظيمة بأن ذكر علمه وحاله ونسبه وهو متصل نسبه (٢) بالشيخ أحمد الرفاعي أفاض الله علينا من بركاته وجعلنا في زمرته وخرجت مع جنازته مع بعض
__________________
(١) في نسخة لا يفيد.
(٢) كذا في جميع النسخ.