وأيضا كان لا يأتي إلى المسجد ذلك الزمان إذ قد رفع ذلك من قلبي ببركاته رضي الله عنه وهو دليل على انه من أهل الكشف وأيضا أتى له شخص حديث السن نحو العشرين سنة في عمره جاءه من مسافة بعيدة كسبعة أيام أو أكثر والشيخ لا يعرفه ولا يعرف محله فقال له ذلك الرجل أتيت إليك لأدخل تحت طاعتك وأكون من أولاد قلبك فقال له الشيخ ارتجالا حتى تتوب من عقوق والدك إذ أنت على مدة طويلة عاق له وعاص من أجله فإن أردت اخذ العهد منا فكن على بروره وتب إلى الله من عصيانه فبكى ذلك الشخص وقال نعم منذ مدة طويلة وسنين عديدة وأنا على عقوقه وعصيانه (١) فصاح بالتوبة والاستغفار فعجبنا من حال الشيخ وأصاب ذلك الشخص عبرة بل أصابه بعض الغيب عن حسه فلا أصعب من حيرة البديهة وهيبة الفجاة.
وبالجملة فأحوال الشيخ ساطعة ، وعلومه نافعة وأسراره واقعة ، وآثاره رافعة ، وأهل السلوك قلوبهم خاشعة ، وأصحابه مطيعة سامعة ، وقد زحلق عن القوم (٢) الأول ، وكل ملهوف وضعيف عليه عول ، رضي الله عنه ونفعنا به آمين.
وممن حضرت درسه الشيخ عمر الطحلاوي وقد جمع المعقول والمنقول وانه كالشيخ الحفناوي في كونه تخرج من فيه جواهر العلوم وعباراته سلسة تصدر من غير كلفة ولا تعب ولا تعسف قل نظيره في الجامع الأزهر وسمعت منه بعض الرسالة الوضعية وبعض التفسير وهو ذو الجلالين وقد سألته عند قوله في أن المعارف غير العالم هل وضعت وضعا جزئيا أو كليا وقد أوردت عليه كلام القرافي فتعجب من كلامه لأنه غير معهود به إلخ وكذا سألته أيضا في قوله تعالى : (وَلَقَدْ
__________________
(١) في نسخة نسيانه.
(٢) في نسخة القرون.