وذلك منه من غير كلفة ولا صعوبة فالعلوم كلها طوع يده بحيث لا يحتاج إلى كبير مؤنة في استحضارها وقد حضرت في مجلسه المعلوم عند أقرائه الرحبية بالشنشوري يتمنى الإنسان أن يتجرد لصحبته لأخذ العلم منه بحيث لا ينظر إلى وال ولا ولد ولا صاحبة ولا غيرهم وله تآليف كثيرة وان نسبت إلى الشيخ يوسف أخيه فهي في الحقيقة له وعندي من تآليفه حاشيته على رسالة الوضع وهي حاشية عظيمة نعم حاله حال الملوك وقد قال أبو الحسن الشاذلي ومن الأولياء من يظهر على هيئة العظامة والجبر والانتقام لأن الله تجلى على قلوبهم بذلك فلا يصحب ذلك الشيخ من المريدين إلا من محق الله نفسه ومحاها والشيخ من ذلك القبيل فمن سلم له ولغيره وصدق أحواله وأموره انتفه به فلا تسمع لمعاصره من إنكار بعض الأمور عليه إذ قد جرت عادة الله مع أحبابه أنه يسلط عليهم أهل زمانه فلا بد لمتبع ما تحقق لمتبوعه فلا بأس في ذلك ولا قدح أصلا بل يزيد الصادق صدقا والمحق حقا.
وبالجملة فالشيخ أنوار الشريعة ظاهرة عليه ، وأنوار الحقيقة بادية لديه ، وهو من أهل الكشف تحقيقا وأني ذات يوم جلست معه فقال لي قدم بعض المغاربة مصر زمان كذا وكان من نجباء الطلبة وفي قلبه انه يختبر المحقق في الجامع الأزهر فيقرأ عليه ويأخذ العلم منه فصار يتردد في مجالس العلم ويبحث مع أهلها أبحاثا قوية حتى اشتهر في المسجد بتلك الأبحاث وما كان قصده إلا خيرا كما سبق قال ذات يوم أتاه رجل من أهل الخير فقال له لا تعد إلى مثل هذا وإلا هلكت أو سلبت أو كلاما هذا معناه أعلاما لي إذ حالي مثل حال هذا الرجل وقصدي كقصده لأني أتردد في الدروس بالبحث والسؤال حتى اشتهر أمري في المسجد فقال لي إياك ثم إياك فبعد ذلك لم أعد إلى ذلك أبدا وزال عني ذلك كله بل كنت مولعا بالنزاع ومحبا له غير أني بالإنصاف فكنت معافي بحيث لا أحبه ولا أرضاه أصلا بعد ذلك ببركات الشيخ وأن أحتمل أنه حصل له العلم بحالي وثبوته عنده غير أن الكشف أقرب إليه