وحصول المرام ولم يزل الناس يتعرفون البركة وإجابة الدعاء في الأماكن المنسوبة إلى الأنبياء والأولياء والعلماء ولو لم تصح النسبة فما بالك بما نسب إلى سيد الوجود فالكل في الحقيقة إليه منسوب إذ هو أصل الموجودات وسر المشهودات فأي محل كان مظهرا لبعض كمالاته بالفعل أو بالقول أو بمجرد النسبة مع أصل النسبة الحقيقية عمت البركة وغشيتهم الرحمة يدرك ذلك بالذوق أربابه ، ويتعرفه بالبصيرة النورانية أصحابه ، والله المسئول أن يمدنا بمدده الساري في أسرار محققي أتباعه ، وينظمنا في زمرة حزبه وأشياعه ، وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين انتهى كلامه.
ومن يوم خروج المحمل شمر الناس عن ساق الجد في التجهيز للسفر باتخاذ الزاد وشراء الإبل أو كرائها وأزيحت العلل وكان الناس قبل ذلك في سعة من أمرهم ويقدم الجمالون من الصعيد والأرياف طالبين الكراء واختلفت رغبات الناس في ذلك فمن مائل للكراء ومن مائل للتدرب بإبله فمن أراد راحة بدنه وتعب قلبه والخصومات آناء الليل وأطراف النهار اكترى ومن أراد سلامة قلبه ودينه والمخاطرة بماله اشترى إبله ثم يأتي عرب الدرب للكراء على حمل الفول من مصر إلى المويلح ومن أراد المخاطرة فلا يكتري شيئا ويشتري في كل بندر ما يحتاج إليه إلا أنه ربما يقل في بعض الأحيان فيشتري في بعض المحال غاليا وغالب الأوقات يكون الأمر متقاربا في الشراء والكراء وربما كان الشراء أرخص من الكراء.
قلت وفي وجهتنا هذه كان الشراء أرخص بكثير والتقى الناس من رخص الأسعار في جميع البنادر ما لم يخطر لهم على بال وكاد يعد من المحال وكذا في الحرمين الشريفين فسبحان من بيده الأمر كله يفعل في ملكه ما يشاء تبارك وتعالى وهو أرحم الراحمين.