قال والإمام ابن عراق مشهور فضله وعلمه وورعه وهو صدر في علماء الحرمين علما وعملا جوابه في المسألتين هو الحق إن شاء الله وإلى مثل ذلك تميل أجوبة كثير من الأئمة إنها إذا خلت مما يضاف إليها من المحظورات (١) فهي في نفسها مباحة وعلى ذلك عمل كثير من الأئمة في جميع الأمصار التي هي محل الاقتداء وربما رأينا من يبالغ في التنفير عنها من الأئمة المتعمقين في الورع تركا لما لا بأس به حذرا مما فيه ألباس كما هو شأنهم في غيرها من المباحات التي هي من الفضول انتهى كلامه.
قلت : وفي الخطاب ما نصه فائدة ظهر في هذا القرن والذي قبله بيسير شراب يتخذ من قشور البن يسمى القهوة واختلف الناس فيه فمن متغال فيه فيرى أن شربه قربة ومن غال يرى أنه مسكر كالخمر والحق انه في ذاته لا إسكار فيه وإنما فيه تنشيط للنفس ويحصل بالمداومة عليه ضراوة أي استئناس وألفة تؤثر في البدن عند تركه كمن اعتاد أكل اللحم بالزعفران والمفرحات فيتأثر عند تركه ويحصل له انشراح عند استعماله غير أنه تعرض له الحرمة لأمور منها أنهم يجتمعون عليها ويديرونها كما يديرون الخمر ويصفقون وينشدون أشعار من كلام القوم فيها الغزل وذكر المحبة وذكر الخمر وشربها ونحو ذلك فيسري لذلك مع ما ينضم إلى ذلك من المحرمات ومنها أن بعض من يبيعها يخلطها بشيء من المفسدات كالحشيشة ونحوها على ما قيل ومنها أن شربها في مجامع أهلها يؤدي للاختلاط بالنساء لأنهن يعتاطين بيعها كثيرا وللاختلاط بالمرد أي الشبان الذين لا شعر لهم لملازمتهم لمواضعها وسماع الغيبة والكلام الفاحش والكذب الكثير من الأرذال الذي يجتمعون لشربها مما يسقط المروءة بالمواظبة عليها ومنها أنهم يلتهون بها عن صلاة الجماعة غنية لوجود ما يلهي
__________________
(١) في الرحلة العياشية المحذورات.