داعي الهوى لا سيما في الأواخر غالب مع ميل النفوس إلى المطلوب وضعف داعية الردع من الطالب انتهى.
قلت الاستدلال بما ذكر ظاهر ونظيره ضعيف وبيانه إن محدث القهوة إمام صالح عارف ولي ولم يحدثها سدى وإنما أحدثها لنفع ظاهر شامل إذ فعل مثله لا يخلو عن الفائدة وهو مصون عن العبث قطعا والولي محروس بعناية الله فلم يكله إلى نفسه طرفة ولا أقل م ذلك فلما أطلعه الله على نفعها للعامة والخاصة أبدعها وأعلم بها أصحابه ثم سارت بها الركبان في المشارق والمغارب ولم يذمها أحد من أولياء الله الصالحين وكذا أرباب القلوب فاشتهرت من غير نكير إذ لو كان هذا الحكم من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فركب الدليل عليها [من أحداث الولي لها وعدم النكير من أرباب القلوب وكذا من العلماء فأقبلت عليه](١) إذ قال الأجهوري إقبال العامة (٢) على الحديث دليل على صحته ذكر ذلك في شرحه لألفية العراقي في السيرة النبوية بخلاف الدخان فلم يحدثه ولي وكذا أنكره أرباب القلوب وذمه أكثر العلماء بل حرموه فلا يشربه إلا خسيس الهمة وقد علم في وطننا انه لا يشربه إلا من لا دين له أو ضعيف عقل بهوى.
وبالجملة فمنور السريرة لا يشربه ويزجر عن شربه بخلاف القهوة إذ أرباب القلوب وجدوا شربها مغيرا لها ومكدرا لصفوها ومانعا من الفتوحات اللدنية والعوارف (٣) الإلهية وصارفا عن الحضرة الربانية فشربه كأكل طعام محرم وآكله يعصي الله شاء أم أبى فإذا كان كذلك فإنكاره دليل على ذمه شرعا لا سيما وإن
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(٢) في نسخة الأئمة.
(٣) في نسخة المعارف.