حيدة سريعة السير وفيها كثرة المقاذيف وقال له كيف تصنع وتتحيل على هذا السيد إذا نام تأخذه برفق وتضعه في السفينة وتقذف به بسرعة حتى تصبح به في دمياط فإذا بلغت دمياطا خذه برفق وضعه في مكان معلوم عينة له واتركه هناك أسبوعا ثم أفعل به ما فعلت أولا وتصبح به في مكانه هذا ففعل النوتي ذلك وأصبح به في دمياط وجلس يقرأ فيه السيد أسبوعا وكان ذلك ليلة الأحد فلما كان ليلة الأحد الأخرى فعل به مثل ما فعل به أولا فأصبح به في بولاق في المكان الذي أخذه منه أولا وجاءه الشيخ السبكي صباحا على عادته وسلم عليه وقال له المارديني أنا أتيت من دمياط فقال له السبكي متى جئت من دمياط ألم تكن هنا ليلة الأحد وهذا يوم الأحد فقال له المارديني بل أتيت دمياطا وقرأ علي فلان وفلا وجعل يعد له من قرأ عليه وغلطه السبكي في جمعة وهذا مراده حتى فعل به ذلك رضي الله عنهم أجمعين وأنشدنا أيضا رضي الله عنه :
أرى الإحسان عند الحر دينا |
|
وعند النزل منقصة وذما |
كقطر الماء في الأصداف درا |
|
وفي جوف الأفاعي صار سما |
أشار بهذين البيتين إلى ما ذكره أهل الهيئة من أن ماء النيسان ينعقد جواره في بطن الأصداف ويصير سما في بطن الحيات.
أعجوبة ذكر صاحب الفلاحة النبطية أن بالمشرق جبلا عاتيا ذا مدارج لا يستطاع الصعود إليه فإذا كانت أيام النيسان أتت الرفاق من أقصى البلاد وتنزل حواليه لتصغي لأصوات طيور تظهر في تلك المدارج ولها ريش كريش الطاوس ومناقير حمر وصفر في غلظ شبر وطول ذراع وفي تلك المناقير أبخاش متعددة فتستقبل الريح وتفتح مناقيرها شهرا كاملا حتى تمتلئ حواصلها ريحا ثم يأخذ في انعكاس مناقيرها فيخرج الريح على أصوات عجيبة ونغمات مطربة حتى أن رقيق