فجاءه إنسان فكلمه بلغتهم فقلت في نفسي أن فرغ هذا من كلامه أكلمه بما في نفسي فلما فرغ المتكلم وأردت أن أتكلم بادرني الشيخ رضي الله عنه بقوله ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها فسكت ولم أزد شيئا نقول ايش.
ونظير هذه الحكاية ما حدثني به الشيخ محمد أخو الشيخ مصطفى أنه حج مع الشيخ وكانت خيمته بإزاء خيمة الشيخ فقام ليلة متهجدا وقد هدنت الأصوات ونامت العيون قال فقلت في نفسي متعجبا من تهجدي وأنه لم يجارني أحد هذه الليلة أو كلاما هذا معناه قال ولم استتم الخاطر إلى أن سمعت الشيخ يقول وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا قال فخجلت واستحييت وتداخلت فضربت أخماسي في أسداسي أي صرفت الحواس الخمس في الجهات الست أفكر في أمري معاتبا لأنفاسي.
قلت ومثل هذا وأرفع من كرامات الشيخ لا يعد ولا يحصى ، ولا يحفظ ولا يستقصى ، فلو تعرضنا لأدنى شيء منه لأملينا أسفارا ، ولاستغرقنا دهورا وأعصارا ، نسأله تعالى أن ينفعنا به ، وأن يجعلنا من حزبه ، وإنما ذكرنا هاتين إيذانا بمنقبة هذين السيدين إذ الكرامات لا يراها إلا من أهّل لها وصار من أهلها.
وكنا ذات يوم جلسنا معه في مجلس أقرائه وقال لنا كم هذا في غشت فقلنا له خرج وانصرم وهذا أول شتنبر وقال هذا لا يصح فقلنا له صحيح فأخذ بيده جداول التاريخ فاختبره فوجد كلامنا صحيحا فقال سبحان الله غلطتموني في جمعة وحكى لنا قصة فقال كان الإمام السبكي في زمانه يسكن بولاق وله منزل على شاطئ البحر يجلس فيه وفيه كتبه وكان السبط المارديني يأتيه وهو رحمه الله رجل مغفل ويجلسه الشيخ في مجلسه ويتحدث معه ويتذاكر ثم بعد ذلك ينصرف الشيخ يبيت بمنزله ويتركه هو يبيت هنالك فكلم الشيخ رحمه الله يوما نوتيا معه سفينة